لن أشاهد مسلسل «عمر»

كتب
الخميس ، ٠٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٣:١٥ صباحاً

 

بقلم: عارف أبو حاتم

مسلسل "عمر" للمخرج السوري حاتم علي، يجب أن أوجه له الشكر قبل النقد، فحتى الآن لم تكتمل حلقات المسلسل، والحلقات التي شاهدتها قليلة ولا يستقيم معها ابداء تقييم أو نقد، وما أورده ليس أكثر من ملاحظات وانطباعات أولية.

من الواضح أن بعض المشاهد وضعت المخرج أمام عقدة فيلم "الرسالة" للمخرج العالمي محمود العقاد، لذا كان يتطابق مع مشاهد فيلم "الرسالة" حيناً مثل تصوير مشهد ناقة رسول الله "قصوى" من أعلى رأسها، في لحظة الوصول إلى المدينة، وطريقة استجابة الأنصار والمهاجرين لأمر بناء المسجد النبوي.. ثم حاول المخرج التحرر من عقدة "الرسالة" عبر تقديمه لـ"وحشي" بشخصية أنفع ما تكون شخصية مسلم مهاجر، ثم ترك "وحشي" يصوب رمحه باتجاه حمزة بن عبدالمطلب دون أن ينطق بعبارته الشهيرة: "حمزة... لا نجوتُ أِن نجى"، تحاشياً من التطابق مع فيلم "الرسالة"، مع أن تلك واقعة تاريخية، لا مسوغ لحذفها، ثم أن الوقت الممنوح لـ"وحشي" وهو يصوب رمحه تجاه حمزة يكفي لأن يردد تلك العبارة مرات عدة.

وشخصية حمزة التي اختارها المخرج جسدها في رجل قصير القامة سمين الجسم، غليظ الوجه، تتعارض كليةً مع ما قرأناه في كتب السيرة والتاريخ عن الصفات البدنية لسيد الشهداء "حمزة".

كنت ولا أزال أشد اعتراضاً على تمثيل شخصيات الخلفاء الراشدين الأربعة، ليس لأسباب تتعلق بالتحريم، أو بالاستلاب التاريخي، والهروب من سوداوية الواقع إلى أدغال التاريخ، حيث الانتصارات والفتوحات وخراج أقاصي الأرض العائد إلى خزينة المسلمين، بل لأسباب شبيهة بتلك التي دفعت الروائي العالمي غارثيا ماركيز إلى رفض كل العروض المغرية بإنتاج رائعته "مئة عام من العزلة" في فيلم سينمائي، حينما قال: لا أحب أن أرى شخوص روايتي مجسدين في الشاشة، بل أحب أن أراهم يتحركون على الورق.

وأنا لا أريد أن أرى من أحبهم مصلوبين على جدران الشاشة التلفزيونية، لا أريد أن أرى ذلك الممثل "الأهطل" كلما مر بذاكرتي شخص بقامة من قال عنه النبي الكريم: لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً"، ولا أريد أن أرى ذلك الوجه "الناعم والضعيف" كلما تخيلت من نزل القرآن مطابقاً لما قال، ومن شهد له رسول الله بالعلم، ومن يسلك الشيطان طريقاً آخر إذا رآه، الرجل الذي يبكيه صوت طفلة، وتخيف طلته مدينة بأكملها.. إنه عمر بن الخطاب العدوي، رجل الدين والدولة والفلسفة السياسية القوية.

كنت أقول لنفسي: أتمنى أن لا يأتي يوماً أرى فيه فيلماً سينمائياً يجسد شخصية النبي موسى أو نيلسون مانديلا، أو عبدالله القصيمي، أو البردوني أو سوار الذهب وعلي ولد محمد فال، وعبدالرحمن منيف، ولا أزال متمسكاً بأمنيتي مع شديد اعتزازي بما قدمه المخرج البريطاني "ريتشارد أتنبرو" في فيلم "غاندي"، بعد أن ظل يدرس الفكرة – كما يقول- عشرين سنة زار خلالها الهند أربعين مرة، وحصد الفيلم ثمان جوائز "أوسكار"، حيث جسد الممثل البريطاني "بين كينغسلي" شخصية غاندي بعد أن ظل في الهند سبع سنوات يدرس كل ما يتعلق بالمهاتما غاندي.

[email protected]

عن الناس.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي