أبين .. ضحية للنفاق

كتب
الخميس ، ٠٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٥٣ صباحاً
  بقلم: جمال حسن حدثني صديق زار أبين قبل أسابيع، أنك تشعر بوجود تواطؤ كبير في قصة القاعدة هناك، لا، ليس فقط تواطؤ أطرافه محلية، بل أيضاً اقليمية ودولية،فالطاقة المجنونة للموت، التي تمارسها القاعدة، تشكل ثقلاً على حياتنا، ليس فقط كبشر ننتمي لعالم كبير، بل كمجتمعات، بالمعنى المغلق، تنتمي لثقافة أفرزت هذا الشكل من الايديولوجية، في مدينة جعار- أبين، يستهدف هجوم ارهابي، مجلس عزاء، ليخلف حوالي 45 قتيلاً والعشرات من الجرحى، تهدف القاعدة، إلى شن هجمات توقع أكبر عدد ممكن من الضحايا،ومدينة أبين التي مازالت دامية بسبب الحرب، يطاردها كابوس الموت الانتحاري، أو الارهابي، فالقاعدة تريد الثأر من مقاتلي اللجان الذين قاتلوا بجانب القوات الحكومية، لكن هل نعي حتى الآن هذا الخطر المتمثل في راديكالية القاعدة، في هذا الموت الجنوني، وتحت مبررات حالمة بالنعيم الآلهي، البعض مازال يتحدث عن قاعدة علي صالح، حتى الحوثي يتهم أمريكا واسرائيل في هجوم استهدف اتباعه، حتى بعد حادثة السبعين، ظهرت جمعة تحت مسمى “لا لإرهاب العائلة”. حتى انني وجدت صعوبة في اقناع شاب، بأننا نعاني فعلاً من وجود القاعدة. لماذا نفر من حقيقة اسمها تنظيم القاعدة. لا يقتصر الأمر فقط على متطرفين يمنيين، بل هناك عرب وأجانب، بعضهم من الشيشان، يوزعون على أرضنا الموت والمصائب، ذات يوم كنت أتحدث مع بائع، بعد هجوم السبعين الانتحاري الذي خلف مئة قتيل، قال: القاعدة تناصر الاسلام، وآلاف من الشباب يمكن تحريف إيمانهم بوسائل مرعبة، اسوأ ما نعانيه، هو تمييع قضايانا، باعتبار أن القاعدة مجرد فاترينة لتصفيات حسابات سياسية، مرجح وجود تلك اللعبة السياسية، وخضوع أعمال القاعدة لتوظيفات سياسية بلانهاية، تشبه المتاهات القديمة، فاللعبة تكبر عبر لعبة سياسية، من المحلي، إلى الاقليمي إلى الدولي، وهكذا تتم مصائبنا. لكن ألم يحن الوقت لنعرف، أننا دائماً الخاسر الأكبر؟ أبين تمثل هذا الجرح العميق في أرضنا، وقد تكون نبوءة مخيفة لما يمكن تحقيقه، فيما دائرة محدودة من الاهتمامات، تقوقعنا، في مجال أضيق مما نظن، يشوش علينا رؤية الأشياء، يظلل علينا شكل الحزن، لنجعل المأساة الدامية مجرد تكهنات زائفة، ومساحة لالقاء الاتهامات، كان أحد التصريحات المزعجة بالنسبة لي، ما قاله شخص بأن العملية تأكيد على ضعف القاعدة، وكأن الدماء مجرد أرقام اعتدنا عليها، وفي الوقت الذي تحدث فيه تلك التراجيديا، تسهم خطابات ضيقة في تفتيت تكون هذا البلد، بعد حادثة السبعين، شعرت بألم رهيب، وأنا استمع لشخص يتحدث أن الضحايا ينتموا لمنطقة معينة تخصه، وقد تخصني، لكنها لو كانت تخص أخرى فهذا من سعادته، كنت أعرف حينها، أين تكمن الفجوة التي يضيع فيها وطن، تلك الانتماءات الصغيرة.. فالاطراف السياسية تتصارع، لنيل تقاسم ضيق، على حساب تهيئة الاجواء لبناء الدولة، وضع بلد منقسم ليس فقط في الجيش، بل كذلك عبر كيانات سياسية وراديكالية تتفاقم، للتنبأ بأشكال صراعات مستقبلية، حالة تفتت، تساعد القاعدة على الحضور وممارسة عبثه في الأمن، الجميع يعمل لخلق هويات صغيرة، فهل هو هذا اليمن الأكثر اختلاقاً، المتفكك وغير القابل للاحتفاء بتعدده، لكن هذا الثقل الذي نسميه قاعدة، الجنون الباعث لمآسينا، في أبين، في صنعاء، وغيرها من المدن، هل هو مجرد فاترينة للعبة سياسية، موغلة في التوسع، لها جذورها، وعلاقاتها في صراعات متعددة،هل يكفي ما نقوله انهم لا يمثلون الاسلام، كتبرئة لهم، في الحقيقة، هناك جذور تنامى معها هذا الوعي الأكثر تطرفاً،وعي يتخفى حتى، وراء التوجهات التي نعتقد انها وسطية، بما أنها تنشئة مستمرة لخطاب ديني، قابل لاستيعاب كل أشكال التطرف، التي يمثلها خطاب العنف،لكن كيف تحصل القاعدة على الأموال؟واليوم أبين ضحية هذا النفاق المتبادل، للاطراف السياسية.. ضحية العنف..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي