ألجموا من يعبث بكم يا أبناء الشمال!

كتب
الجمعة ، ٢٧ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٠١ صباحاً
  بقلم : نادر عبد القدوس أوجه هذه المقدمة إلى إخوتي من أبناء الشمال، إلى الثوار الذين أرادوا إسقاط النظام، فأطاحوا برأسه وبقي النظام! لم يحدث أي تغيير البتة؛ فسلوكه ونمطه هو هو، أبطاله هم هم، رجالاته هم هم وكذا بقية المفردات المرتبطة بالنظام، فهل هذه هي الغاية من ثورتكم؟ لست أتهكّم عليكم، لكنها الحقيقة التي قد قرأها الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل عندما أشار إلى أن ثورة اليمن ثورة قبائل ملّت من رأس النظام؛ أي أنها ليست ثورة شعب هدفت إلى إحداث تغيير فعلي! كم مرة دمعت عيناي وأنا أشاهدكم، عبر القنوات الفضائية، تقفون بالملايين مرددين بهتافات ضد النظام وأزلامه لإسقاطهم جميعا، وهم يقنصونكم ببنادقهم ليسقط منكم الشهداء واحدا تلو الآخر. لكن صدمنا أشد صدمة عندما توقفتم عن ثورتكم بمجرد سقوط رأس النظام، وكأنها لم تكن، بل تم الالتفاف حولها وإسكاتها وأنتم تشاهدون صاغرين، وكأنكم راضون بما حدث ويحدث! نعم، إنها نصف ثورة برضاكم وبرضى من أدعى أنه تبناكم وتبنى ثورتكم. لا تصدقوا، يا إخوتي الشماليين، أن المبادرة الخليجية ستنقذكم! إن مصيرها الفشل لا محالة، فهي ليست بإيمان يماني ولا بحكمة يمانية، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف، إنها "أمريخليجية"، فكيف عساها أن تنجح؟ لم يظهر الإيمان اليماني بعد ولا الحكمة اليمانية في ظل خنوعكم وطغيان طواغيتكم! إخوتي أبناء الشمال، لقد ضُحك عليكم في خضم ثورتكم، واعذروني على هذه الجملة، ليس لأنكم قليلو فهم، بل لأنكم طيبون، تثقون بمن تسمونهم علماء دين، وبرجالاتكم وزعماء قبائلكم الذين استغلوا ولاءكم الأعمى لهم! أليست التركيبة النفسية لمجتمعكم هكذا؛ تصديق عالم الدين والولاء لزعيم القبيلة؟ فها هو، كما تسمونه عندكم، عالم دين خطب فيكم يوما في أثناء الثورة متلفظا: "أحرجتمونا.. أحرجتمونا"، وأنتم تصفقون له! فأين هو الآن من ثورتكم، ولِمَ لا تعيدون إحراجه من جديد؟ أليس هو من أعلن قبل أيام بأنه سيقضي على الفقر عندكم في الشمال بعد سنوات بالكتاب والسنة، فهل تصدقونه، أم أن نقاشا في هذا الموضوع عندكم من المحرمات؟ ألا يعتبر هذا الإعلان خروجا عن المألوف وعن الكتاب والسنة؟ أليست هي سنة الله في الأرض أن يظل الفقر بين الناس، كما هو الغنى، ألم يتجاوز الرجل حدوده، فأراد تخطي رسولنا الأعظم، صلى الله عليه وسلم، المتوفى إلى الرفيق الأعلى فقيرا، وتخطي فقيه الأمة ومؤسس القواعد الفقهية علي بن أبي طالب في القضاء على الفقر، وهو علي كرم الله وجهه، القائل: "لو كان الفقر رجلا لقتلته"، فهل عالِمكم هذا فلتة زمانه؟ ثم يظهر آخر ممن تسمونه عندكم عالم دين، وهو من أفتى في حرب 1994م بقتلنا، نحن إخوتكم من أبناء الجنوب، واستباحة دمائنا وهتك أعراضنا وتدمير منازلنا وسبي حرائرنا واغتصاب نسائنا، وأنتم صاغرون، ليخطئ مرة أخرى ويعلن أن أبناء الجنوب كانوا عبيدا في الجنوب قبل الوحدة، مع أن العكس هو الصحيح، ألم تجبّ الوحدة ما قبلها؟ لقد اعترفتم، يا إخوتي بأنهم قد غرروا بكم عام 1994م، وها هم الآن يغررون بكم من جديد، فهل يلدغ المؤمن من جحره مرتين؟ إخواني أبناء الشمال، إن صمتكم لدليل على رضاكم عما يتفوه به من تسمونهم علماء دين عندكم، وموافقتكم على كل ما يسيء إلينا، نحن إخوانكم من الجنوب. ألم تسألوا أنفسكم يوما، لماذا نتهجّم دوما (على طول)، نحن الشماليين، على الجنوبيين وليس العكس، خصوصا علماء الدين منّا، كما تسمّونهم عندكم؟ ألسنا إخوة كشعوب ومواطنين، أم أننا أعداء وخصوم؟ لِمَ صمتكم، وماذا تنتظرون، لِمَ لا تعترضون على الأقل وتعلنون ذلك في جمعة ما من جمعكم، أم أنكم فعلا غير قادرين؟ بعد تلك المقدمة، أدخل إلى صلب الموضوع، موجها خطابي إلى إخواني أبناء الشمال، منذرا إياهم غير معذر، إن ظلوا صامتين صاغرين عن تصريحات وفتاوى من يسمونهم عندهم في الشمال علماء دين أو زعماء قبائل، فإن أبناء الجنوب لن يظلوا صامتين يتلقون الضربة تلو الأخرى، ونعتبركم، كلكم أبنا الشمال، مشاركين مع علمائكم وزعماء قبائلكم في أخطائهم. فإن أساؤوا إلينا، نحن أبناء الجنوب، عبر إعلامكم، أسأنا إليكم، أنتم أبناء الشمال في إعلامنا. إن تطاولوا على تاريخنا أو ثقافتنا، نبشنا تاريخكم وعرّينا ثقافتكم وفضحنا تكويناتكم القبلية والاجتماعية الهشة. إن مسّوا كرامتنا بسوء أو عزتنا، فتحنا عليكم أبوابا لا تغلق بما لا تعرفونه عن تعلم دروس الكرامة والعزة والشرف! علما أن ما سنعرضه موثق في الكتب، وليس من تصنيفاتنا! فهل ترضيكم هذه الفتنة وأن نتعايش هكذا، نحن وأنتم؟ صدقوني، يا إخوتي أبناء الشمال، سنبقى هكذا خصوما وقد أكلتنا الفتن، ما لم يكن لكم موقف، وتلجموا من تسمّونهم عندكم علماء دين وزعماء قبائل! عن صحيفة عدن  الغد
الحجر الصحفي في زمن الحوثي