شعار هذا العام لصيف تعز:(خليك في البيت)!

كتب
الخميس ، ١٢ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٥٥ مساءً

بقلم: - منال الأديمي-

ان تفكر بالذهاب إلى المتنزه أو مدينة الألعاب؛ لتقضي وقتاً ممتعاً, على اعتبار أن الصيف قد أتى - ومن حقنا أن نقضي بعضاً من أوقات المرح, والهدوء - هو أمر طبيعي، لكن التفكير أو القيام به هذه الأيام يُعد مخاطرة!!
فأنت لا تعرف ما إذا كانت هذه الرحلة ستمر بسلام, أم أن اشتباكات مفاجئة ستحدث لم تكن أبداً في الحسبان.
وكذلك هو الحال فيما إذا فكرت بالذهاب للتسوق؛ فالصيف موسم الأعراس, والحفلات, إضافة إلى أننا مقبلون على شهر رمضان الكريم, أو زيارة الأقارب والأصدقاء, كل هذه المشاريع غدت محفوفة بالمخاطر, ونوع من المغامرة.
فتعز التي كنا نستغرب فيها أصوات المفرقعات النارية, غدت هذه الأيام وكأنها إحدى مدن الغرب الأمريكي, وأصوات الرصاص فيها كما لو أننا في واحد من (أفلام الكاوبوي) الأمريكية.

فقد انتشرت عادة حمل السلاح بطريقة مخيفة, ومقلقة, وهذا أمر كنا قد ألفناه إبان المواجهات بين أنصار الثورة ومرتزقة النظام السابق الذي شن حربه الانتقامية على تعز بتوجيهات من صالح.
وكنا مجبرين أن نغض الطرف عن هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع التعزي في مواجهاتنا مع قوات (قيران، وضبعان).
إلا أن مظاهر التسلح وحمل السلاح أصبحت الآن تخرج عن حدود السيطرة، فلم يعد الأمر مقتصراً على حماة الثورة, الذين انسحبوا من الشوارع عقب انتشار اللجان الأمنية, والاتفاق على إنهاء مظاهر التسلح في المدينة مقابل انسحاب آليات كتائب الموت التي أرسلها النظام السابق.

ومن المؤسف انتشار حمل السلاح وبشكل رهيب خصوصاَ بين جموع المراهقين؛ فقد أصبح حمل السلاح في أوساط المراهقين حاجة ملحة وضرورية كارتداء الملابس، فعند تجوالك يستوقفك منظر يرعبك لمراهق لم يتم بعد ربيعه السادس عشر, يرتدي بنطلوناَ - وهذا أمر ليس بغريب فمن الطبيعي أن يرتدي بنطلوناً - غير أن الأمر الذي يفقدك صوابك هو أن تجده يحمل في خصره مسدساً يكادُ ثقلهُ أن يُسقط له بنطلونهُ، وعلى كتفه يتربع كلاشينكوف يجعل من جسمه النحيل مائلاً باتجاه ثقل الكلاشينكوف.

ونحن أمام خروج هذه الظاهرة عن السيطرة أصبحنا لا نخرج في أي مشوار أو إتمام حاجة ضرورية إلا بعد أن ننطق الشهادتين، وربما كتابة وصية, وإن توفر لنا درع واقٍ للرصاص لارتديناه؛ لأنك لا تأمن عودتك سالماً، فسماء الحالمة صارت ترعدُ وتمطر فجأةً رصاص الطيش الغادرة.

فما أن تكون في الشارع بأمان الله حتى تُفاجأ بدوي صوت الرصاص, فترتعد فرائصك خوفاً, ويبدأ شريط العمر يمر أمامك سريعاً, حتى يستوقفك صوت (لا تخافوش مضرابه بس)، ويتبين لك فيما بعد أن خلافاً ما قد حدث بين مراهقيْن، وقد قاما بقطع الشارع بعد أن قررا حل خلافهما على طريقة (توم وجيري) حين يتبارزان بالمسدسات، فيدير كلاَ منهما ظهره للآخر ويبدآن بالسير خطوات معدودة ليلتفتا في وقت واحد ويبدآن تبادل الرصاص بدلاَ عن الشتائم، والكلمات البذيئة، وجمل معروفة كرسالة عن الشر والتكشير كـ(مالك ياحبوووب؟) و(أنا لما أعصب..أعصب!!) وغيرها من الجمل المضحكة التي اختفت بعد سيادة مبدأ (خلي السلاح صاحي)،(وديتك إلا رصاصة).

يبدأ المارة حينها فى الاختباء, إما في أقرب محل، أو مركز تجاري أو (زُغط) أو تحت سيارة أو عربية خضار وفاكهة أو القفز إلى أقرب برميل قمامة!!
هكذا حتى يهديهم الله أو تنفد من كلاهما الذخيرة.. فيتعاهدا على معاودة المبارزة غداً، وبالتالي يعد هذا إعلاناً مسبقاً لإغلاق الشارع في الغد, فعلى كل محبي الحياة تجنب المرور في ذاك الشارع حتى إشعارٌ آخر.

لا يكاد يمضي بنا يومان دون أن نسمع بإصابة أشخاص أبرياء برصاص مراهقين صاروا يتجولون بمختلف الأسلحة, دون أن يحرك الأمن ساكناً, وليس بعيداً أن تشهد شوارعنا مواجهات صاروخية شبيهة بمواجهات (جراندايزر) ووحوش الفضاء في المسلسل الكارتوني (جراندايزر) خاصةَ أن (صواريخ لو) باتت رخيصة وتباع في أقرب سوق سوداء لبيع السلاح.

من المحزن حقاً عودة ظاهرة حمل السلاح بهذا الشكل المخيف، خصوصاً في أوساط فلذات أكبادنا، بعد أن كنا قد حققنا نجاحاً نسبياً في منع حمل السلاح داخل المدن بعد عقود من التوعية والعمل على استخراج قانون يمنع حمل السلاح على الأقل داخل المدن, ليست تعز وحسب، المشكلة أصبحت تعم كل المدن وبشكل يدعو إلى القلق.
ترى من المستفيد من هذا الانفلات الأمني وغياب الأمن؟ ولمصلحة مَن تقاعس الجهات الأمنية في توفير الأمن؟.

أخيراً..هل هناك أمل بعودة السلاح لمخابئه والاحتكام للعقل بعيداً عن لغة العنف والسلاح السائدة هذه الأيام؟.
الأمر ممكن, وفى اعتقادي أنها مسؤولية الجميع, أسرة ومؤسسات تعليمية وتربوية وإعلامية مطلوب تكاتفها جميعاً للتنبيه والحد من هذه الظاهرة, فمازلنا أمام تحدٍ ومواجهة مع من تبقى من المتضررين من ذهاب نظام صالح وفساده.
فهل نستطيع تحمل هذه المسؤولية, خصوصاً أن أعين النظام السابق منتظرة لحظة التشفي في حال ظلت الأوضاع في هذا التدهور والانفلات الأمني المتعمد, وفى ظل مسلسل سقوط المدن, والإرهاب؟ فدعونا نوحد جهودنا لحماية مكتسباتنا الثورية وعدم تمكينهم من لحظة التشفي تلك..
ودمتم أحراراً..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي