الدولة المدنية بين ضبابية الواقع وآمال الغد

كتب
السبت ، ٣٠ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٠٧ مساءً
 بقلم / رفيقة الكهالي
بقلم / رفيقة الكهالي

الملف الاقتصادي

حراس القيم : الدولة المدنية بين ضبابية الواقع وآمال الغد

لظروف خاصة نتقدم باسمى اعتذارنا عن تأخرنا في نشر بقية مقالات الدراسة التي قامت بها منظمة مساواة للتنمية السياسية وحقوق الانسان -  تعز , والتي تتناول موضوع الدولة المدنية الواقع والآمال والكيفية ,  بالاعتماد على مقارنات لتجارب اخرى تمهيدا للاستفادة منها في كافة المجالات التي تناولتها الدراسة  ,,,

عند المقارنة مع الوضع العام التركي – التجربة قيد البحث -  والذي تسلم حزب العدالة والتنمية قيادة البلد في ظله في 2002م , ووضع بلادنا , الذي تفجرت بسببه ثورات شعبية بدأت منذ  2007 م في المحافظات الجنوبية وانتهت بثورة 11 فبراير التي مازالت مستمرة حتى الان  ، سنجد اوجه تشابه  كثيرة  , اهمها شكل الحكم السياسي الاستبدادي المهيمن عليه العسكر ,  والانهيار الاقتصادي للدولة ,  والفساد الاداري والمالي المستشري في مفاصل الدولة , والاستئثار بالثروة , والاعتماد على الخارج والارتهان عليه بالقروض , وغياب الرؤية والإصلاحات الحقيقية في البرامج الحكومية , كما سيشترك البلدان في مصادرة حقوق وحريات المواطنين وفي انهيار المنظومة الاخلاقية والقيمية للمجتمع بشكل عام ،،،   

وعند مواصلة القراءة والتعمق في التجربة اكثر  ، سنتمكن من ان نقول بثقة عالية  ، وبيقين اعلى ان المفتاح السحري لنجاح أي دولة في ضمان حياة كريمة  لشعبها داخليا وخارجيا هو مفتاح الاقتصاد ،،

 وعند استعراض سريع لمجموعة من الحقائق حول الاقتصاد التركي الذي انتشل الدولة التركية من هاوية الانهيار الي مشارف الدول المتميزة التي تنافس على الدرجات المتقدمة كأعلى الاقتصاديات ،  اصبحت تركيا فيه واحدة من اعلى نسب النمو في العالم ، بالرغم من ارتفاع نسبة عدد سكانها الذي وصل الي  73 مليون نسمة ، تركيا الان تحتل المرتبة 16 في الاقتصاد العالمي حسب تصريحات حديثة لعبدالله غول الرئيس التركي , هذا الرئيس الذي يهمس الينا برؤية اخرى وطموح متقد اخر يسعى لتحقيقه ,  وهو ان يصل بتركيا الي المرتبة العاشرة على مستوى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2023 م ,,,

        بهذه القيادات التي تعرف ما الذي تريده جيدا وتعمل لتحقيقه بجد , وبهذه البرامج  , صعد نجم اقتصاد تركيا بقوة وبسرعة الصاروخ , في حين نجد اقتصاديات الدول الاوربية المجاورة لها سائرة الي الافول وتتخبط في ازمات طاحنة في بلدان كاليونان وايطاليا واسبانيا وغيرها ,,,

اذن هي  وحدها حنكة وإرادة الاسلاميين في تركيا  وقبلها توفيق الله  ،  وراء النجاح الفعلي في انقاذ الاقتصاد العلماني الذي كان منغمسا بالفساد حتى النخاع ،، استطاعوا ان يحولوا البرنامج السياسي  والبرنامج الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية  الذي كان يقوم على الاعتماد على الداخل بموارده ، والانفتاح على الاخرين ، مستخدما منظومة كبيرة متكاملة من القيم الانسانية والوطنية ذكرناها في مقالنا السابق الذي تناول مميزات البرنامج السياسي لحزب العدالة والتنمية والذي بموجبه نجح في بناء دولة مدنية حديثة رائدة ، هذا البرنامج الشامل حول الي برامج عملاقة طموحة على ارض الواقع ، وفق خطط دقيقة ومنظمة ومزمنة وفي كافة مجالات الحياة ، برامج قدمت الاصلاحات السياسية والاقتصادية والتشريعية والاجتماعية اللازمة ،  وبرامج قامت باستغلال لكل الموارد الطبيعية والبشرية في الدولة للسير بعجلة الانتاج بقوة وثقة ،،،،

لمسنا ذلك اكثر مع علي بابا جان  / نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في حكومة اوردغان وذلك في المقابلة التي اجرتها معه قناة الجزيرة قبل شهور والتي اخرج لنا صورة بديعة اكثر وضوحا ودقة وروعة بتفاصيلها التي  اجملها لنا برحلة استمرت اكثر من عشر سنوات تقريبا تم فيها

 رفع الناتج القومي الي ثلاثة اضعاف خلال عشرة اعوام ،،،

الاهتمام بالصناعة ،،  حيث كانت تركيا تصدر المواد الخام ،،  وتصدر الان المنتجات الصناعية بوفرة كبيرة ،،  صادرات 2002 كانت 32 مليار دولار ، وفي 2011 م قدرت ب 135 مليار دولار تقريبا ،،،

الاهتمام بالسياسة التسويقية لمنتجاتها فقد وسعت سوق الصادرات الي 190 دولة من اصل 192 دولة عضوة في الامم المتحدة ،،  ونوعت الاسواق ،، وتنوعت الصادرات بين المنتجات الزراعية والنسيج الي قطع السيارات والالكترونيات والأدوات المنزلية والكهربائية وأخيرا دخلت سوق صناعة السيارات ،،،

الدخل السنوي للفرد كان في 2002 3500 دولار ، اصبح في  2011 م عشرة الآف وخمسمائة دولار ،،،

في مجال الاستثمار استطاعوا تحسين الجو القانوني  ، وتقليل الاجراءات البيروقراطية ، وتشجيع التنوع فيه حتى وصل الي الاستثمار في الخدمات العامة للمواطنين ،،  

تحويل الاقتصاد الي القطاع الخاص وليس الدولة ، والدولة دورها الاساسي القيام   بعملية الرقابة والتشجيع ووضع القواعد ،،  وخلق جو منافسة متساوية ودعم شركات الاستثمار وشركات القطاع الخاص ،،،

 الاهتمام بالبنك المركزي والسياسة المالية والعمل على الحفاظ على استقرار الاسعار مع الالتزام بنظام الميزانية المعلن الذي كان سببا رئيسيا في مكافحة التضخم ...

الاهتمام بالزراعة فتركيا مكتفية ذاتيا وتصدر ب 18 مليار دولار ،  وتحتل المرتبة السابعة في العالم في تصدير المنتجات الزراعية  ،، بالإضافة الي تشجيع الاستثمارات الخارجية ، والاهتمام بالسياحة وغيرها كثير كثير ،،،

      هذا النجاح المتميز الذي صب في مصلحة  تمتع الانسان التركي بحقوقه وثرواته فأدى الي رفاهيته وسعادته ،، فهل نستطيع ان ننجح في التعلم من الانسان التركي حتى ننعم بما ينعم به الان من مواطنة متساوية وعدالة اجتماعية ،، هذا ما سمحت به مساحتنا الوارفة فانتظرونا اعزائي فللحديث بقية  ،،

يقول الدكتور مصطفى طلاس

يا طيور الروض قولي للندى      عمرنا مازال لحنا غردا

انت احلى اليوم من امس ويا     ما احيلى ما تكونين غدا

كنت في الماضي جمالا ازلا       وتكونين  جمالا    ابدا 

 *رئيسة منظمة مساواة للتنمية السياسية وحقوق الانسان – تعز

[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي