أول اختبارات مرسي في قصر العروبة

كتب
الخميس ، ٢٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:١٠ مساءً

 


عارف أبو حاتم
فاز الدكتور مرسي كما كان متوقعاً، وتسلم من العسكر كرسي برجلين فقط، بعد أن بتر العسكر رجلين أساسيتين تتعلقان باحتكار صلاحيات السلطة التشريعية وصلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويصبح مرسي رئيس دولة ليس من حقه زيارة معسكر أو تعيين قائد له، بحسب الإعلان الدستوري “المكبل”.
مرسي هو أول رئيس مدني لمصر منذ ثورة يوليو 1952م، وأول رئيس يأتي بإرادة الشعب المحضة، وأول رئيس يرث تركة مرعبةً من الفساد، والمطالب، وأول رئيس يودع انتخابات 99.99 %.
شعب مصر فتح عينيه، وجيل الشباب “الأولاد بتوع التحرير” كما كان يسميهم فتحي سرور، يراقبون كل كبيرة وصغيرة وأي اختلال أو تفكير بالاستحواذ والإقصاء من شأنه أن يعطل مسيرة مرسي في قصر العروبة.
الشيء الذي يهمني هنا أكثر من غيره أن يكون حزب الحرية والعدالة فيه سياسة أكثر مما فيه دين، وفيه إدارة واقتصاد أكثر مما فيه خطباء ودعاة، وآمل منهم الاقتداء بالتجربة التركية، فهي جديرة بالوقوف أمامها طويلاً.
ومن الباكر ستبدأ اختبارات مرسي الرئاسية: كيف سيتعامل مع لجنة صياغة الدستور التي شكلها المجلس العسكري برئاسة الغرياني، هل سيقبل بها أم سيحلها ليدخل في أول صداماته مع العسكر، وأمام من سيؤدي اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، أم كما صرح مسئول حملته الانتخابية أنه سيؤديها أمام مجلس الشعب المنحل؟، وأي قرار منه بإعادة المجلس فهو قرار لا قيمة له، لأن تأدية اليمين الدستورية أولاً، وما قدر ونوع المرونة التي سيظهرها أستاذ المعادن وعلم المواد في كلية الهندسة؟.
من الأشياء المبكرة جداً التي أداها أردوغان في تركيا أن أقر مبدأ العلمانية، بل وذهب باكراً لقراءة الفاتحة فوق ضريح مصطفى كمال الذي أسماه الأتراك “أتاتورك” وتعني “أبو الأتراك”، هذه المرونة مكنته لاحقاً من تقليص صلاحيات العسكر، ثم أن نجاح أردوغان جاء بعد سلسلة إخفاقات وملاحقات قادها العسكر ضد حزب الرفاه ثم حزب السعادة، ليكون النصر المبين في حزب العدالة والتنمية.
يستطيع مرسي أن يبدأ أول نجاحاته المدهشة في إصلاح ما يتوقع الناس عكسه، فهو مثلاً متهم بالاستحواذ؛ ويمكنه هنا أن يكلف شخصيةً تنوقراطية بتشكيل الحكومة، ومتهم باستعداء المرأة وتهميش دورها، ويمكنه أن يعين إحداهن نائبة له، أو نائبة لرئيس الوزراء، ومتهم بعدم الانفتاح على الآخر ويمكنه أن يعين نائبه من الأقباط.
وعلى الدكتور مرسي أن يدرك أن شفيق الذي نافسه بالأمس هو اليوم أحد رعاياه، بصفته رئيس دولة للجميع، ما أعنيه أن يتوقف حديث الإخوان نهائياً عن “الفلول” وغيرهم.
[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي