مصر الفراشة.. وثقل الفيل

كتب
الاربعاء ، ٢٧ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١٠:١٧ مساءً
  جمال حسن كنت دائماً أعتقد أن مصر بلد يطير كفراشة، لكنه مثقل بالفيل الذي يحمله. صراع الخفة والثقل، لنر الابتسامة الفاتنة في ثورة 25 يناير، التي اسقطت نظام حسني مبارك، تلك النكات المعلقة على لافتات تتهكم على نظام كهل ومتيبس. ثم نرى تعليقات الإسلاميين، واحدة من مشاكل الأصوليين انزعاجهم من الفكاهة. العالم ينقسم فقط إلى حلال وحرام وعلى ذلك، سيكون الفرح شيئاً مزعجاً ومربكاً. هناك أزمة لدى الأصوليين هي عدم الاعتراف بالاختلاف، لذا يريدون العالم أن يكون هم، وغير ذلك فهو مرفوض. عندما بدأت المعركة الانتخابية المصرية، حذر الإخوان من اندلاع عنف إذا فاز المرشح الآخر. تحول الصراع بين فيلين، العسكر، والإسلاميين، وعلى الفراشة التحليق أيضاً. لكن أليست مصر اليوم تعيش مرحلة رائعة، انتخابات غير مسبوقة، لم يحدث في تاريخ بلد عربي، أن شهد انتخابات ديمقراطية، ونزيهة. لنر الضجة التي افتعلها الإخوان قبل إعلان النتائج؛ التشكيك من حدوث تزوير، ومحاولة للانقلاب على الديمقراطية. كان إعلان النتائج بمثابة فوز، لنحتسب أول نقاط من أجل ماراثون الديمقراطية، بطولة، أو ليجا لنسميها كما نريد. كان الجميع قبل الانتخابات منشغلاً بأن نجاح الانتخابات إما بفوز مرشح لخطورة الآخر. مثلاً إذا صعد شفيق فهذا يعني عودة النظام القديم. وإذا نجح مرسي، سيعني صعود الدولة الدينية. كانت مخاوف، ربما جميعنا انزلقنا بها بدرجات متفاوتة، لكن بصرف النظر عن أيهما الفائز، لأن كل منهما يمثل الماضي، لم يكن بالخيار المناسب لتأسيس مرحلة الدولة المدنية الحقيقية. لنقل بصوت مختلف، إنها المرة الأولى، في تاريخ بلد عربي، يختار الشعب من يحكمه. مع ذلك هناك مازالت نواقص، ديمقراطية بدون دستور، صلاحيات موسعة للعسكر على حساب الرئيس. في الواقع، من المهم التأكيد على دستور يراعي حقوق كل المصريين، لكن لماذا الاهتمام العالي في ما يحدث بمصر، صدقوني، إنه أكثر بلد عربي يستطيع التأثير على كل المنطقة. إذن ما شكل الدستور؛ هل سيراعي حقوق كل الفئات في مصر، الاقباط، الاعتقادات المختلفة. في خطابه قال الرئيس المصري الجديد، محمد مرسي المنتمي لتيار الإخوان المسلمين، إنه مع وجود دولة ديمقراطية ذات مرجعية اسلامية. في الواقع، مثل هذا الكلام يبدو هلامياً. ما يقصد أن يكون مرجعية دينية، سيعني كذلك تعريفات مختلفة، تفسيراً مموهاً للحريات والديمقراطية، وباسم المرجعية المقصودة، يمكن نبش آلاف المحرمات. في الواقع، هناك مرجعية دستورية، هذا ما يعني إنشاء دولة مدنية. حسب مرسي، فإن الديمقراطية ذات المرجعية الإسلامية، قد تعني، نشوء بوادر الرغبة في خلق دولة دينية. وفي بلد فيه أقباط، لديهم مرجعية أخرى غير إسلامية، يجب مراعاتها، أو أننا سننشئ الدولة الطائفية. لنر العراق، كدولة تم تدميرها بالوضع الطائفي المقيت. لنسأل من سيضمن مدنية مصر؛ العسكر أو الاخوان. بالتأكيد سيضمنها المصريون، تلك الأصوات التي منحت مرسي كرسي الرئاسة، ستختار شكل الدولة المناسبة، لكن لا يعني أن من حق الأغلبية الاستبداد بالأقليات. هناك اختلافات، يجب أن نضمن حقها في العيش، والتعبير. وسنسأل ماذا عن مستقبل الفنون هل يمكن حجزها لأن هناك مرجعية إسلامية، كما يقول مرسي. هل يمكن تصور مصر بدون فنونها؟. في لقاء شاهدته قبل انتخابات الجولة النهائية للانتخابات الرئاسية المصرية، للرئيس الحالي محمد مرسي، اختلط الأمر عليّ، إن كان هذا الرجل سياسياً أو واعظاً دينياً. من هذا الخلط تلوح مشكلة، بدأها مرسي بالحديث عن مرجعية دينية. إزدواجية اللعبة الخشنة، التي تجعل رجل دين يحل مكان السياسي. لنتذكر سلطات التفتيش باسم الرب في العهد المسيحي المظلم. لا لن نستبق الأمور، لأن ذلك لن يحدث في الوقت القريب، إلا في حال حدثت انتكاسة على مستوى مؤسسات الدولة، واستباحتها من طرف واحد، يستطيع تبرير قمعه تحت مسمى مرجعية اسلامية. مثل هذا الاعلان يؤكد التفاف الإخوان على قضية كتابة الدستور قبل الانتخابات، من أجل كتابة نصوص دستورية تلائم مزاجهم القمعي. أحد أقربائي نشر صورة لمرسي على الفيس بوك، وهو يؤم مصلين والسجادة مفروشة أمامه، وعليها تعليق “سيعود المجد والعز للعرب والمسلمين”. هكذا بدأ الخلط بين مهمة السياسي ورجل الدولة. إحضار مشهد التدين بما فيه من مغالاة وتزييف، يجعل المشهد برمته قائماً على نفاق المجتمع. في السعودية على سبيل المثل، يكون ادعاء التدين، وثيقة عبور لنجاح تجاري. شركات توظيف الأموال فتكت بمدخرات الآلاف، لأن عنوانها كان التدين. قال الايطالي ميكيافيللي، أحد كتاب عصر النهضة العظام، في كتابه الأمير إنه “ليس على الحاكم أن يكون متديناً لكن عليه إدعاء التدين”. علقت على بوست قريبي في الفيس بوك أنه يبدو بأننا «نزداد غبا».
الحجر الصحفي في زمن الحوثي