مصر التي انتصرت لنفسها

كتب
الثلاثاء ، ٢٦ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٢١ مساءً
  ليندا محمد علي حسين مرة أخرى ومن خلال الانتخابات الرئاسية المصرية التي أسفرت عن فوز مرشح الثورة د. محمد مرسي، تثبت مصر أنها الرائدة والسباقة في عملية التغيير السلمي، وتثبت عظمتها اليوم مرة أخرى بعد أن ظللنا لعقود طوال نشاهد التراجع المخيف الذي عاشته مصر بسبب سيطرة الطغيان والاستيلاء على الدولة من قبل عصابات الفساد، رغم استمرار نظام مبارك بالتغني بحضارة 7000 سنة، لكن دون أن يبرهن القدرة على إنجاز واحد يؤكد الانتماء إلى هذه الحضارة. من حق الإعلام المصري اليوم أن يعيد التغني بالانتماء إلى الماضي العريق من خلال الحاضر المشرق الذي صنعه الشعب المصري بيديه. لأول مرة أشعر كعربية تنتمي إلى جيل الثورة، أنني عاجزة عن السيطرة على نبضات قلبي المفعمة بالفرح وأنا أرى انتصار إرادة الشعب على قوى الظلام والتضليل والنهب والفساد.. فهذا هو الشعب الذي برهن بأنه قادر على تحطيم صنم الظلم وكسر أغلال الطغيان والاستبداد، وإن صوته لا يمكن أن يكون باطلاً، فالحق منبعه الشعوب، وأثبتت مصر أن صوت الشعب أقوى من صوت الحكام والعسكر.. اليوم يسطر تاريخ البطولة العربية في العصر الحديث صفحة جديدة في سفر النضال الوطني والقومي المجيد، من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة والحق. إنني اليوم أفخر بأنني عربية خرجت إلى الشوارع مع إخوة وأخوات لها لتدافع عن إرادة الشعوب من أجل الانتصار للحق ومواجهة الظلم والإرهاب، خاصة وأنني كنت قد شاركت في مظاهرات ميدان التحرير عندما كنت في القاهرة ورأيت بأم عيني كيف كان شعور الشباب مفعماً بالحب للأمة العربية، فقد ذهبنا للتضامن معهم فوجدتهم وفي عز انشغالهم بمصر كانوا يدافعون عن المقهورين في سوريا واليمن وغيرهما من البلدان العربية الثائرة. لقد كبر الوطن العربي في نظر العالم اليوم، فهذا الحدث غير المسبوق يعد إنجازاً كبيراً من أنجازات العصر لأنه جاء من رحم ثورات الشعوب المقهورة التي ضحت بحياة شبابها من أجل حق الشعوب في أن تقرر مصيرها وتصنع مستقبلها، بعد أن كانت هذه الشعوب لا تتربع المراكز الأولى إلا في الفقر والجوع والجهل، وأصبحنا أوطاناً مهزومة بكثرة عدد المداسين تحت أقدام الطغاة، وارتفاع نسبة الجهل بين أوساطنا وزيادة عدد البلاطجة المنتشرين في حاراتنا، وتنامي عدد المعتقلين السياسيين في السجون.. إن الشعوب هي من يمنح الإنسان حق الكرامة والحياة، وها هي صرخات الشعوب التي تأبى إلا أن تعيش حرة وتحيا بكرامة واستقلال وترفض الذل المهين أو تسول لقمة العيش من الآخرين، . . .ها هي الشعوب قد أظهرت لنا روح الأمة وأعادت انبثاقها بشكل أعظم وأجل، . . . انبثاقاً لا يقبل اللين والتنازل عن حقوق الشعب وحريته وآماله وطموحاته في نقلة نوعية تزدهر فيها المجتمعات العربية من خلال إعطاء الفرصة لعقولها النيرة لتتولى إدارة شئون البلد وتوفير المناخ الذي تتفتح فيه براعم المستقبل على حياة جديدة توفر لهم الصحة والتعليم والأمن وتفتح أمامهم أبواب الرقي والتقدم والازدهار ليكبروا وهم معتزون بأوطانهم ويعملون على تطوير هذه الأوطان وتسليحها بالعلم والمعرفة والاكتشافات التي تقفز بالأمة إلى مصاف الأمم المتطورة بدلاً من استنفاد تلك الطاقات في مستنقع الولاءات التي لا تنجز شيئاً للشعوب، بقدرما تخدم الطغيان والطغاة. إن أعظم ما في المشهد السياسي المصري اليوم هو تبادل الأدوار بين السجين والسجان، حيث أصبح السجان يرقد خلف قضبان السجن بانتظار الموت أو إكمال المؤبد بينما انتقل السجين السابق، ليحتل كرسي السجان السابق، مع فارق أن حاكم الأمس لم يمثل إرادة الشعب ولم يكن يحسب لها حسابا، بينما حاكم اليوم جاء بإرادة الشعب وسيذهب عندما يطلب منه الشعب ذلك، وأن سجين اليوم محكوم بقرار الشعب وحكم القضاء وسجين الأمس سجن ظلماً بلا تهمة ولا حكم من قضاء نزيه أو حتى غير نزيه. بالأمس كان الحاكم يعتمد في بقائه في كرسي الحكم، على القمع والتزوير وتزييف إرادة الشعب، ولذلك لم يكن يهمه أن ترتفع شعبيته أو تنخفض، أما اليوم فإن معيار بقاء الحاكم في كرسي الحكم يعتمد على مدى استجابته لمطالب الشعب، والوفاء بتعهداته لجمهور الناخبين، ومصداقية الأفعال وليس الأقوال، فالشعب هو القاضي والحكم في تقرير بقاء الرئيس أو إنزاله من كرسي الحكم. تلك هي مصر العظيمة صانعة العبر ومنتجة الدروس لمن أراد أن يتعلم.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي