أولاد سالم قطن

كتب
الأحد ، ٢٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٣٥ مساءً

 

عارف أبو حاتم
كغيري، لا أعرف الكثير عن شخصية اللواء الشهيد سالم قطن، لأسباب أولها أن معظم الشخصيات العسكرية تعيش خارج اهتماماتنا ومتابعتنا اليومية، في المعسكرات والفيافي، وحضورها في وسائل الإعلام شبه غائب، وثانياً لم يحضر اسم سالم قطن في قائمة النهابة وحمران العيون، فالرجل - حسب ما قيل - بقي وفياً لمهنته، وخدمة وطنه، وسامحه الله لم “يتهبش”، “ويتطهبش” على أراضي الجنوب وتهامة، ويمشي في موكب من الحراسة.
والصورة التي ظهر فيها الرئيس هادي واقفاً وممسكاً بيدي نجلي اللواء قطن أثناء تشييع الجنازة بصنعاء، كانت دليلاً إضافياً على بساطة الطرفين؛ فهادي ظل ممسكاً بيدي النجلين اليتيمين بحميمية ودفء يوحى بمدى حبه للفقيد، وتأثره بالحادثة، ومنظر الولدين بتلك الأزياء الشبوانية البدوية المتواضعة أظهرت كم يبدو قطن بسيطاً وهادئاً وعادياً في حياته.
ليس هناك شيء يبدأ الإنسان بتحسينه مثل مظهره الشخصي، ثم البيت والمركب، والاستثمارات، ثم الاستقواء ونهب حقوق الآخرين، ومنظر أولاد قطن لم يوحي بشيء من هذا؛ “المقاطب” العادية، والقمصان ذات الخطوط الطولية، ووضع “الغترة” على منتصف الصدر على طريقة الحبوة الحضرمية، وهذا منظر لا يدل أبداً على أنهم أولاد “هبار” تمكن من تأمين مستقبل الأولاد والأحفاد.
الصورة تلك قالت أشياء كثيرة، عن حياة وبساطة اللواء سالم قطن، وأيضاً ذكّرت الناس بسلالة “الطهابيش”، كيف تعيش وبأي سلوك تتعامل في الداخل أو الخارج؟.
أتذكر في الأشهر الأولى من الثورة صورة عرضت في عدد من المواقع الإلكترونية، كانت لأحد أبناء “الذوات” المستحوذين على المنح الدراسية في أمريكا، كان يقود سيارة سوداء من نوع كاديلاك الفاخرة، وينظر إلى تجمع يمنيين وسط نيويورك، متظاهرين ضد نظام صالح، ثم يخرج يده من النافذة ويشير بأصبعه الوسطى بتلك الحركة السوقية التي نشأ عليها.
أولاد “الذوات” لا نعرفهم في هذا البلد بتلك “المقاطب” التي ظهر فيها أولاد قطن، بل نعرفهم من الغبار الكثيف الذي تبعثه سياراتهم، نعرفهم عند الإشارات المرورية وهم يتجاوزن كل النظام، نعرفهم عند سماع طلقات رصاصاتهم ضد كل ما يعكر صفوهم، نعرفهم في مداخل الجامعات والمولات التجارية يبحثون عن “النواعم” الشبيهات بنعومتهم، نعرفهم عند صعود السلم الوظيفي من مدير عام وما فوق، نعرفهم عند ترؤس كل جمعية ونادٍ ومؤتمر ومؤسسة ومنظمة ومبادرة ولجنة، نعرفهم من “كروت” وظائفهم الخاصة الموزعة بين مدير تنفيذي ورئيس مجلس إدارة ومسؤول مالي، نعرفهم من علامات الماركات التجارية في ملابسهم وروائح عطورهم، نعرفهم من موديل السيارة وعدد المرافقين ونوع السلوك، نعرفهم عند الحديث عن الوالد والسفريات وفنادق الخمسة نجوم.
[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي