الرصد والتوثيق للانتهاكات أمل وألم

محمد قشمر
الثلاثاء ، ١٧ ابريل ٢٠١٨ الساعة ٠٥:٥٦ مساءً


عمليات الرصد والتوثيق للانتهاكات المختلفة لحقوق الإنسان تخضع لمعايير وآليات دولية، الهدف منها أيجاد رصد وتوثيق دقيق لتلك الانتهاكات من أجل الوصول بها الى الجهات القضائية أو الدولية والوصول الى الحقيقة والى إنصاف الضحايا بشكل عام سواءً الضحايا المباشرين أو غير المباشرين. ما زالت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تمثل العقبة الأكبر أمام القيم والمبادئ الإنسانية لتي تسعى المنظمات الدولية والدول الراعية لتلك القيم والحقوق الى فرضها وتثبيتها على المستوى العالمي . 


ما يحدث من انتهاكات جسيمة في اليمن التي تعتبر المأساة الإنسانية الأولى في العالم وما يصاحبها من هلاك جماعي للمجتمع اليمني مخزي ومخيف، تأتي التقارير الصادرة من بعض المنظمات المحلية والراصدين عن واقع مؤلم لشريحة مهمة من الضحايا الذين تمارس في حقهم أبشع الانتهاكات التي تدمي جبين الإنسانية ، وما زالت الأخبار يومياً تتوالى الينا تباعاً  عن ما يحدث من بشاعة إجرامية داخل المعتقلات التابعة للانقلابين وعلى وجه الخصوص في محافظة صنعاء. فبعد أن اطلعنا على حالة المعتقل المحرر جمال المعمري نفاجأ ونحن ندرك بشاعة التعذيب في تلك المعتقلات بحالة للمعتقل التربوي الأستاذ احمد عمر الشطاف الذي تم اعتقاله وهو خارج من المدرسة التي يعمل، الشطاف الذي استخدمه الحوثيون درعاً بشرياً وهو المختطف المدني الذي لم يكن في يوم ٍ من الأيام مقاتلاً. 


الشطاف حالة أخرى اطلعت على حالته المنظمات الدولية خصوصاً تلك القابعة في صنعاء وهي تعلم أن هناك الاف من المعتقلين من مختلف التوجهات السياسية التي ترفض الانقلاب أو سياسة التركيع والعبودية . حاولت أسرة الضحية المدنية المعتقل الأسير إيصال حالته التي أصبحت يرثى لها بعد أصابته في انحاء مختلفة من جسده وفقده البصر الى كل المنظمات التي تهتم بالحقوق والحريات، وكان لرابطة أمهات المختطفين دور بارز وملموس في إيصال أصوات المختطفين والمعتقلين والمخفين قسراً الى العالم الذي ما زال يصر أن له واجبات محددة قد لا يكون أولئك المعتقلين من أولياتها، مما يجعل الانقلاب الحوثي يتمادى في غيه مستخدماً كافة الوسائل المحرمة من أجل استثمارها في حربه القذرة ضد اليمن واليمنين والإنسانية على وجه العموم . 
المعتقلين والمخفين قسراً والمختطفين جزء من القضية اليمنية التي تختطفها أيادي الإهمال الدولية والتي تسعى من خلالها الى فرض واقع أليم على المجتمع اليمني من أجل القبول بالآخر الحوثي المجرم بأي حال. 


الرصد لتلك الجرائم الجسيمة بحق اليمنيين وتوثيقها بالشكل القانوني يمكن أن يبث شيئاً من الأمل بأن يقدم أولئك المجرمين الى العدالة في يوم ٍ من الأيام ، كما أن التوافقات السياسية على المستوى الدولي والإقليمي تشكل الخطر الأكبر لكل تلك التقارير الموثقة وتشكل عبء على كل من اصابه انتهاك من قبل الانقلابين. فقد يتحول القاتل في لحظة من الزمن الى شريك حقيقي في الحكم بناءً على اتفاق يقضي بتشكيل (حكومة وحدة وطنية ) يتم من خلالها (احتواء ) الحوثيين فيها من أجل الخروج من دوامة القتل الممنهج والانتهاكات الصارخة للمواثيق والمعاهدات الدولية. 
ما زال الراصدين الأوفياء للقضية الإنسانية ذاتها والبعدين عن التصانيف الحزبية يمارسون عملهم بجد و الأمل أن يحظى جهدهم بالوصول الى منصات القضاء لإيجاد العدالة المنشودة لكل أصحاب الحقوق الذين هم أيضاً بدورهم يقبعون دون يأس في دائرة الصبر للوصول الى الحق المنشود.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي