المعتقل والجريمة المكتملة

محمد قشمر
الأحد ، ٠٨ ابريل ٢٠١٨ الساعة ٠٥:٢٢ مساءً


طالعنا بفرح ٍ شديد اختلط بدموع الأسى والحسرة لحظات اطلاق سراح المعتقل الحر جمال المعمري الذي خرج رافعاً رأسه رغم كل الجراح التي أثخنت جسده داخل المعتقل الذي كان يخلو من الإنسانية بأي شكل ٍ من الاشكال ، خرج لا يستطيع الحركة مشلولاً بسبب ما تلقاه من تغاضي عنيف من قبل المنظمات الدولية والإقليمية التي وقفت وتسمرت عن القيام بواجباتها الإنسانية المنبثقة من المواثيق والمعاهدات الدولية ومن الأنظمة الداخلية لتلك المنظمات التي هي أساس وسبب إنشائها .
 جمال المعمري مثال حي على وحشية الانقلاب في اليمن وعلى مدى قبح المعاملة و وحشيتها في سجونهم التي تحكي لنا الكثير من قصص الخيال والرعب، ويأبى العقل أن يصدقها أو أن يخوض في تفاصيلها ، ها هو جمال المعمري المعتقل المحرر في عملية تبادل بين مقاتلين ينتمون الى ارض المعارك وسفكوا الكثير من الدماء في سبيل أن يبقى اليمني أسيراً لماضي كهنوتي وبين معتقلين مدنيين تم اختطافهم من بيوتهم ومن بين أبنائهم وإخفائهم في سجونٍ تفتقر لأبسط مقومات السجون المنصوص عليها في الدستور اليمني وفي القوانين اليمنية أو المواثيق والمعاهدات الدولية. 
استطاع الحوثيون أن يستخدموا المدنيين كدروعٍ بشرية وان ينتقموا من الأحرار أصحاب الأصوات النقية كما استطاعوا أن يستثمروا أيضاً المدنيين بشكلٍ مخيف عن طريق اعتقالهم واخفائهم ثم استخدامهم كأوراق ضغطٍ على الشرعية وعلى التحالف وعلى المجتمع الدولي الذي يمكن أن يجعل من المعتقلين عذراً للتخفيف على الحوثيين واستخدام أولئك المدنيين كأوراق ضغط بعمليات التفاوض في مراحله المختلفة ، 
كما عدد المختطفين والمخفيين قسراً الذين تدهورت حالتهم الصحية الى ما هو أسوء من حالة المحرر الحر جمال وكم هي الأصوات القابعة خلف قضبان الكهنوت الحوثي يتم تعذيبها بطرقٍ وحشيةٍ كل يوم ولا يصلنا منها شيء .
كيف يمكن الوصول الى تلك الأرواح التي تئن في الزنازين دون أن يسمع أنينها أحد من أصحاب الحس الإنساني في هذا العالم الذي أصبح يستخدم الشعارات الإنسانية ويستغلها أسوء استغلال . 
هل بقى شيء من الإنسانية يمكن أن يتم تداولها في بورصة المنظمات الدولية من أجل أن نشعر بشيءٍ يسير من الطمأنينة أن الأمل ما زال معقود على المنظمات الدولية والمجتمعات الدولية المتقدمة التي تؤمن بإنسانيتها على حساب الإنسانية الأخرى الموجودة في هذا العالم. 
هل أدركنا بشاعة الجرائم بعد ما رأينا على جمال المعمري الأدلة الدامغة على تلك الجرائم المكتملة الأركان، أم أننا ما زلنا لا ندرك بأن هناك بشراً تدك عظامهم ليل نهار في سجون ومعتقلات الانقلاب. 
 ملحوظة : تصريح من قبل شخصية وطنية تستحق الاحترام بأن أهل المعتقل المحرر جمال المعمري لم يلقى أدنى اهتمام من قبل الشرعية والتحالف، والحقيقة أنه كغيره من المعتقلين يحتاجون الى كل الرعاية والاهتمام.
أتمنى أن يتم منح المعتقل المحرر جمال المعمري منحة طبية في دولةٍ أوربيةٍ وأن يحظى بالتغطية الإعلامية على المستوى الدولي كدليل حي من جملة الأدلة التي تبين مدى الوحشية والهمجية التي يمارسها الحوثيين ضد أبناء اليمن، كما أتمنى الا يتم استثماره فقط إعلامياً لتحقيق أغراض سطحية لا تخدم قضية المعتقلين والمخفيين قسراً على وجه العموم.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي