الغدر والخيانة !

كتب
الثلاثاء ، ١٩ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٤ مساءً
  عرفات مدابش كعادتها تعمد التنظيمات الإرهابية والتي بُنيت أفكارها على أسس غير إنسانية ، إلى أساليب الغيلة والغدر والخيانة، وهذا ما تجلى (أمس) بقيام من يسمون أنفسهم «أنصار الشريعة» أو «القاعدة» باغتيال القائد العسكري البارز اللواء الركن سالم قطن ، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية ، وهو من أبرز وأشجع القادة العسكريين الجنوبيين في الوقت الراهن ، وقبل أقل من أسبوعين – فقط – كنت اتحدث إليه بشأن تلك المواجهات وأكد لي أن القوات المسلحة اليمنية سوف تطرد «الارهابيين» من أبين خلال أسابيع ، وفعلاً تحقق ما قاله على أرض الواقع قبل أن تكتمل الأسابيع التي تحدث عنها ، وجاء مقتله – أيضاً – قبل مضي تلك الأسابيع وبعد أن أنهى مهمته التاريخية التي سيذكرها كافة اليمنيين وبأنه كان قائداً عسكرياً شجاعاً ومحنكاً وضع الخطط العسكرية وأشرف على تنفيذها في أول عملية عسكرية تشهدها اليمن مع مثل هذه العصابات الإجرامية التي لا تمت للدين بصلة . لقد تعرفت على الفقيد الراحل قبل نحو ثلاثة أعوام في حرف سفيان بمحافظة عمران بمعية وزير الدفاع اللواء الركن (الطيب) محمد ناصر أحمد ، وتبادلنا – حينها – اطراف الحديث في جبهة القتال مع جماعة عبد الملك الحوثي ، وكان قطن من الشخصيات العسكرية النادرة التي تجتذب الآخرين بالابتسامة الطيبة والهدوء والحنكة وسرعة البديهة، وظللت على تواصل معه طوال الفترة الماضية ، حتى مطلع الشهر الجاري ، كما ذكرت. ولقد كان خبر اغتياله صادماً لي وقد أبكاني ، ليس فقط لمعرفتي بالرجل ، ولكن – أيضاً – لأن اليمن خسرت برحيله قائداً يصعب تعويضه ، ولا أشك أن كل الشرفاء في هذا الوطن اليوم يبكون رحيل قطن الذي كان يفيض حباً ومودة للجميع ، ولعل أنصع دليل على قلبه الكبير أن يد الغدر والخيانة طالته عندما توقفت السيارة التي كانت تقله عند «مطب» استوقفه أمامه الانتحاري (الصومالي) وهو يلوح بورقة في إيحاء إلى أنه يحتاج الى مساعدة أو يعاني من مشكلة ما !. ولقد سألت من قبل زميل صحافي شاب – قبل يومين – عن الطريقة التي يمكن أن تلجأ اليها «القاعدة» بعد أن دحرت من أبين ، وكان ردي له أنها سوف ترجع لأسلوبها الطبيعي وهو الاغتيالات ، أي الغيلة والغدر والخيانة وقتل الأبرياء ، وحقيقة لا أعرف ما هي القدرات الخارقة التي يمتلكها شيوخ السوء في هذا التنظيم أو ذلك لاقناع بعض الشباب بتفجير أنفسهم وقتل الآخرين بهذه الطريقة أو تلك!. حكيم الصحافة اليمنية الحقيقة لم نكد نصحو من فعل صدمتنا برحيل من يمكن أن أصفه بأنه «حكيم الصحافة اليمنية» الأستاذ هشام باشراحيل ، حتى جاءنا خبر رحيل «قطن» . وأعتقد أن علينا جميعاً في اليمن أن نعتذر لهشام باشراحيل ولكافة آل باشراحيل عما لحق بهم خلال العامين الماضيين من ظلم وقهر ونهب وسلب وحصار ومحاكمة وترهيب أمني بشع لا يحدث سوى في أعتى الانظمة الاستبدادية والديكتاتورية .. نعم يجب الاعتذار لهم ، فاليوم – فقط – بعد أن رحل هشام باشراحيل ، توجهت الأنظار الى معاناة صحيفة «الايام» الموقوفة بشكل قهري منذ أكثر من عامين ، وإلى معاناة أسرة باشراحيل والآلاف ممن تضرروا بتضررهم من الصحافيين والفنيين والعمال في مؤسسة الأيام . وبالقدر الذي أحيي فيه موقف دولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة لمشاركته في جنازة الفقيد هشام ، إلا أني اعتقد أن القرار الذي اتخذته الحكومة - أمس – بتشكيل لجنة لدراسة وضع صحيفة «الأيام» ، جاء متأخراً جداً جداً ، وكان يفترض – على الأقل – أن يصدر عند تشكيل الحكومة على الفور بعد سقوط نظام صالح . رحم الله هشام باشراحيل الذي عملت معه لفترة في مكتب صنعاء وكان نعم رئيس التحرير الذي يهتم بما يتعرض له من يعمل معه ، وعندما هاتفته في مارس الماضي ، عندما كنت في مدينة جدة التي كان يتواجد فيها هو أيضاً، كان صوته متعباً جداً وربما أكثر من ذلك رغم محاولات الكثير التخفيف من ألمه .. رحم الله اللواء قطن .. ورحم الكثير من الشرفاء الذين يموتون في اليوم ألف مرة ، ونحسبهم أحياء !!.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي