الذكرى الرابعة لإقرار مستقبل اليمن الجديد

طارق نجيب باشا
الخميس ، ٢٥ يناير ٢٠١٨ الساعة ١٢:٤٦ صباحاً

تحل علينا غدا الذكرى الرابعة لإقرار وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل في الخامس والعشرين من يناير من هذا العام والمجتمع اليمني المتطلع لبناء دولة مدنية حديثة أكثر إيماناً وتمسكاً بهذه الوثيقة، فالأعوام الأربعة التالية لإقرار الوثيقة حملت الكثير من الأحداث السياسية والمنعطفات الوطنية التي كانت في مجملها تتمحور حول وثيقة مخرجات الحوار فكانت هذه الاحداث والمعبرة عن الحرب الحالية ممثلة بشكل أدق بين من هم مع هذه الوثيقة وبين من هم ضدها.


وثيقة مخرجات الحوار بميزاتها مثل إجماع القوى السياسية والمدنية عليها -بما فيها الإنقلابية منها- وإحتوائها على تفاصيل بناء دولة القانون والمؤسسات المنشودة لدى اليمنيين وتوثيقها لأهم القضايا السياسية والحقوقية الإنسانية التي مرت في البلد كانت ولازالت تمثل تهديداً مباشراً لشبكة قوى السلطة السياسية والتسلط الإجتماعي والمالي التي كانت تتحكم بزمام اليمن منذ عقود، فالمكتوب داخل هذه الوثيقة يسعى بشكل رئيسي إلى التوزيع العادل للثروة والسلطة بين أفراد المجتمع ولذلك كانت الحرب من قبلهم على اليمنيين، فقد قرأ هؤلاء المستقبل القريب جيداً وعلموا أن بمشروع كمشروع وثيقة المخرجات ستتفكك شبكة المصالح المسيطرة على السلطة والتي تمثلهم. 


إن إحدى دلالات أهمية هذه الوثيقة ورسوخ أسسها السياسية والقانونية - والتي يجب قرائتها- غير المرتكزات الاساسية لها والمعروفة للجميع كالمشاركة الواسعة في كتابتها وإقرارها وإعتبارها مشروع المستقبل لليمنيين من قبل الدول الإقليمية والدولية هو التمسك الشكلي لتحالف الإنقلابيين بها في بادئ تحركاتهم فقد كانوا يزعمون بأنهم يريدون تنفيذ مخرجات الحوار في اسرع وقت وأن هذا المطلب هو أحد دوافعهم الثلاثة الرئيسية للإعتصام في شارع المطار في صنعاء كما روجوا في منتصف عام ٢٠١٤، ولو كانت أسس وثيقة مخرجات الحوار ضعيفة أو فيها من الثغرات ما فيها لما زعموا بأن تحركاتهم من أجلها لكنهم يعلمون بأن الوثيقة مكتوبة فيها تفاصيل مشروع كل يمني متطلع لمستقبل يجعلنا نلحق بركب العالم فكيف لهم آن ذاك أن يجاهروا بعدائهم للوثيقة منذ البداية، وماهي إلا أشهر حتى إنجلت مزاعمهم بعد ذلك وظهرت حقيقة عدائهم لوثيقة مخرجات الحوار وجاهر بذلك زعمائهم وأسيادهم وكالوا أطنان المشوشات على المجتمع سعياً لطمس وجود الوثيقة وإيصال الناس لمرحلة يرون في الوثيقة عقدة صراع بدلاً من مشروع حل وبناء وتأسيس مستقبل. 


تحل علينا الذكرى الرابعة لإقرار الوثيقة -والعام في زمن الحرب أعوام- وهدفهم لم يتحقق والوثيقة لاتزال موجودة راسخة وتعتبر إحدى مرجعيات المرحلة الرئيسية بإيمان وتطلعات كل يمني بها، 
وللمؤمنين بهذا المشروع والذي أقر فيه أغلب ملامح المستقبل الذي نريد، فإن التمسك بمشروع وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل سيأذن بإنتهاء مرحلة نقض الإتفاقات والعهود والتي وصمت - وللأسف - تاريخنا السياسي الحديث بذلك.


لذلك إن لم يكن تمسكنا بالوثيقة نتيجة كمال المكتوب والمقرر فيها فليكن بكونها المشروع الجامع الأوضح والأكثر تفصيلا أمام اليمنيين خلال هذه المرحلة، وتمسكنا بمشروع وثيقة المخرجات يقلل مكامن أية صراعات مستقبلية فيما بين اليمنيين لفرض مشروعٍ أو تفسير بندٍ في مشروع آخر. 


...


من صحيفة 14 أكتوبر 
عمود (حاء واو ألف راء) 
العدد الصادر يوم الاربعاء ٢٤ يناير ٢٠١٨م

الحجر الصحفي في زمن الحوثي