الأمير محمد بن سلمان والناصحون بوقف الحرب

محمد القادري
الأحد ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٥:٥٨ مساءً

 

أي داعٍ ومطالب للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية بإيقاف الحرب ، دون ان يضع شروط لذلك الايقاف ودون ان يتطرق لما يجب على الانقلاب من نقاط تتضمن التزامات للكف و التنفيذ  ، يعتبر متعاطف مع إيران ويريد انقاذ مشروعها في اليمن .
وقد ظهرت الفترة الأخيرة شخصيات قومية وسياسية تدعو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وتنصحه بإيقاف الحرب في اليمن دون ان يتطرقون لما يجب فعله على الطرف الآخر المواجه في الحرب ، وهو الأمر الذي يجعلنا نعيش أكثر من حالة استغراب ونضع اكثر من علامة استفهام .

الزعيم الدرزي المحشش اللبناني ممثل التيار الاشتراكي وليد جنبلاط يدعوا الأمير محمد بن سلمان وينصحه بتوقيف الحرب في اليمن ورفع الحصار ، وهذا ما يدل على ان جنبلاط متطرف ومنحاز وليس وسطي ومحايد فقد اطلق دعوة غير منطقية وطرح حلاً غير منصف ، حيث وجه دعوته للجانب السعودي فقط ولم يوجهها لإيران التي تخوض حرباً في اليمن كانت هي البادئ والمعتدي من خلال قيام الطرف التابع لها بالانقلاب على الدولة ومصادرة مؤسساتها وارتكاب عدوان داخلي على الشعب اليمني وفرض حصار  داخلي ايضاً يمنع الثروات والمال العام وخيرات البلاد عن ابناءها ، فمطالبة السعودية بوقف الحرب دون مطالبة الانقلاب الذي تقف إيران خلفه برفع يديه عن مؤسسات الدولة هو أمر غير مقبول وحل غير معقول .
فلو كان جنبلاط عادلاً وواقعياً لكان يدعو إيران لإيقاف امدادها لجماعة الحوثي عبر ميناء الحديدة بالاسلحة الباليستية التي تهدد أمن المملكة وتستهدفها ولعل الصاروخ الذي اطلق على مطار الرياض خير دليل ثم بعد ذلك يطالب السعودية برفع الحصار ، وايضاً كان يجب عليه ان يدعو الانقلاب بالكف عن الاعتداء والهجوم تجاه الجنوب وقصف تعز عشوائياً وتوقيف الجبهات والجنوح للسلم والموافقة على الصلح ثم يطالب السعودية بإيقاف الحرب .

 الكاتب والمحلل السياسي السعودي المعروف جمال خاشقجي يصرح ويقول ان السعودية عجزت عن ايقاف التمدد الإيراني في اليمن وانه ينصح الأمير محمد بن سلمان بإيقاف الحرب وتولي دور المصلح في اليمن حالياً كما فعل الملك سعود في عام 1965 ، وقال ان الحرب في اليمن استنزفت المملكة وجعلت احتياطها يتراجع إلى 400 مليار دولار حيث ان خسارتها اليومية في الحرب تقدر بمائتين مليون دولار ، وبالنسبة لهذا الكلام الذي قاله خاشقجي يعتبر غير عميقاً وغير مقنعاً وسديداً ومتطابقاً مع الواقع وذلك للأسباب التالية : 
أولاً : المملكة لم تكن عجزت عن ايقاف التمدد الإيراني في اليمن ، فتدخلها في الحرب قد اوقف التمدد الإيراني في اليمن وصده من التقدم نحو الجنوب والمناطق المحررة من الشمال حالياً كمأرب وتعز والجوف ، فلولا تدخل المملكة وحربها لكانت اليمن اليوم بشمالها وجنوبها كلها إيرانية ولكانت معمل نووي يتبع إيران .
ثانياً : خسارة المملكة الكبيرة في الحرب لا يؤدي لقيامها بايقاف الحرب ، حيث ان وقفها للحرب معناه ضياع  تضحياتها السابقة وخسارة انفاقها السابق بالاضافة إلى ان الايقاف يعتبر فشل في تحقيق الهدف ورفع ايدي الاستسلام ، بل انه يعتبر العودة من منتصف الطريق فلاهي سلمت من الخسارة التي انفقتها منذ البداية ولا هي كملت المشوار وحققت الهدف .

 ثالثاً : من الصعب ان تنجح المملكة اليوم وأميرها محمد بن سلمان بالقيام بدور المصلح بين الاطراف اليمنية كما قام بذلك الملك سعود عام 1965 ، حيث ان واقع اليمن  اليوم ليس مجرد نسخة طبق الاصل من الواقع الذي كانت تعيشه اليمن بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 ، فالجمهوريون والملكيون في ذلك الوقت إذا قبلوا الصلح السعودي لأنهم لم يكن طرفاً فيهم يتبع طرف خارجي من غير العرب يحمل مشروعاً يستهدف المنطقة العربية كلها كتبعية جماعة الحوثي الانقلابية لإيران التي تحمل مشروعاً يستهدف الخليج العربي والمنطقة برمتها ، وهذا ما يعني ان قيام المملكة بالصلح بين الاطراف اليمنية المتصارعة حالياً الشرعية والانقلاب يحتاج إلى تصالح بين السعودية وإيران ، وهو الأمر الذي لن ترضاه إيران إلا في حالة إذا تخلت عن مخطط مشروعها في جزيرة العرب وهو الأمر المحال ان تتراجع عنه إيران .
فجمال خاشقجي قد اخطأ عندما نظر من زاوية الصلح  كتشبيه لما يدور في اليمن حالياً من حرب بين الشرعية والانقلاب وتطبيقه على واقع ما كان يدور في اليمن سابقاً بعد ثورة 26 سبتمبر بين الجمهوريون والاماميون ، وكان الأحرى ان ينظر من زاوية التدخل العسكري الذي قامت به مصر العربية للقضاء على الدولة الامامية وتثبيت اركان الدولة الجمهورية ، ويطبقه على واقع التدخل العسكري السعودي الذي يجب عليه القضاء على الانقلاب وتثبيت اركان الدولة الشرعية في كل اليمن .
فالتفكير  عن امكانية الأمير محمد بن سلمان بالقيام بدور المصلح بين الانقلاب والشرعية هو ضرب من خيال وتغريد خارج السرب وسعي لبقاء المشكلة وانقاذ الخطر  ، فجماعة الحوثي لا يمكن ان تقبل السعودية كمصلح إلا في حالة إذا تخلت عن فكرها العقائدي الطائفي المستورد من الفرس وهذا من المستحيل .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي