السبب الوحيد لتأخير الحسم في اليمن

محمد القادري
الخميس ، ٢٣ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٥٨ مساءً

 

يبدو أن السبب الوحيد لتأجيل الحسم في اليمن والتعامل مع المعركة بنفس طويل من قبل دول التحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية ، هو مراعاة الجانب الانساني للمواطن اليمني الذي يعيش في المناطق التي تسيطر عليها قوات الانقلاب ، إذ ان الحرب التي تشنها التحاول والشرعية ضد الانقلاب تسير بالخطوة البطيئة وتحقق التقدم الذي يراعي حياة المواطن ويقلل الاضرار والنتائج السلبية ونسبة الكارثة ، مما يجعل نتائج الحرب غير محققة  لازهاق ارواح الابرياء ومريقة لدماءهم ، وغير مدمرة للعمران والبنية ، وغير مؤدية للكوارث الاقتصادية والصحية من المجاعة والامراض .

 

 باستطاعة التحالف والشرعية ان يحقق الحسم العسكري وتتحرر اليمن كلها بطريقة سريعة خلال فترة قليلة ، ولكن هذا سيؤدي إلى سقوط ضحايا كثير من الابرياء ، وينتج عنه دمار هائل في المدن كصنعاء والحديدة وغيرها اسوأ بكثير مما حصل في عدن وتعز ، بل ان ذلك سيؤدي إلى كوارث انسانية نتيجة فقدان الغذاء والدواء التي ستولد المجاعة وسيموت المواطن جوعاً بسبب عدم وجود لقمة العيش ، ولكن مراعاة الجانب الانساني لدى التحالف العربي جعلها تتخذ خطة للحرب تتناسب مع حياة الشعب اليمني ، ولأن يتحقق الحسم في اليمن بعد فترة طويلة من الحرب خير من أن تتحقق الكوارث الشاملة خلال فترة بسيطة منه .

 

 طبيعة الحروب في العالم أن تنتج عنها كوارث انسانية كبيرة خلال فترة بسيطة ، ولكن الحرب في اليمن رغم طول فترتها منذ بدايتها حتى الآن لم تؤدي لكوارث كبرى ، فمدة ثلاث سنوات حرب والضحايا من القتلى لا يتجاوزون العشرات من الآلآف في جانب الابرياء وطرفي المواجهة ، ومثل حرب كهذه في مدة كهذه لا يقل ضحاياها عن مئات الالاف من القتلى ان لم يصلوا للمليون ، بل ان الجانب الاقتصادي من توفر الغذاء والدواء والاسعار لم تتأثر بالشكل المتوقع والمماثل في اي حالة حرب ، فالغذاء متوفر والمساعدات والاغاثات بابها مفتوح ، وكما هو معروف في اي حرب ان ينعدم الغذاء وترتفع الاسعار بشكل جنوني ، ولكن اليمن يعتبر لم يتأثر اقتصادياً بشكل كبير بسبب الحرب لو قارناه مع اي حروب اخرى في العالم ، وذلك يعود للتعامل الاخلاقي من قبل دول التحالف التي فتحت المنافذ للمساعدات والاغاثات ولم تحاصر صنعاء ومن معها من محافظات الانقلاب  اقتصادياً كما يحدث في اي حرب مماثلة في العالم من اغلاق المنافذ واقامة الحصار ، بل ان ذلك يعود للخطة العسكرية الحكيمة التي تتخذها دول التحالف عبر الحرب بالنفس الطويل  المتوائمة مع ظروف الحياة .

 الحرب التي تدور في اليمن اليوم هي حربان وليست حرب واحدة .


الحرب الأولى أهلية داخلية بين جماعة متمردة واطراف انقلابية وبين دولة شرعية وابناء الشعب المناصر لها والواقف في صفها .


والحرب الثانية خارجية بين دول التحالف العربي التي لبت نجدة اختها الدولة اليمنية الشرعية والمدافعة عن نفسها من ذلك الخطر الذي يهددها من اليمن ، وبين إيران التي تقف خلف الانقلاب في اليمن وتمده بالدعم المالي والعسكري والسياسي .


ورغم ان ما يحدث في اليمن هي حربان وليست حرب ، إلا انها لم تخلف الاضرار الكبيرة والكوارث الجسيمة  مقارنة بالحرب الاهلية في الصومال وبعض الحروب في العالم ، وهذا طبعاً يعود لمراعاة التحالف للجانب الانساني واطالة امد الحرب الذي يأخر الحسم ، فهذه خطة  ذكية تجعل الشرعية تعزز اقدامها في المناطق المحررة بقوة وتنتقل لتحرير المناطق الاخرى بطريقة متقنة وتراعي الجوانب الانسانية للمواطن اليمني .، ورغم ان هذه الطريقة تجعل النصر يأتي متأخر ، ولكنه نصر عسكري واخلاقي متميز ومنفرد ومختلف عن بقية الانتصارات في الحروب .

 

 التحالف والشرعية تتعامل بانسانية وفتحت المنافذ والطرق لادخال المساعدات والمواد الغذائية ، ولكن الانقلاب وجماعة الحوثي لم يتعاملوا بانسانية مع المواطن الذي يعيش في المناطق التي يسيطرون عليها ، كونهم يتاجرون بالمساعدات ويبيعون الاغاثات ويفرضون الاتاوات على المواد الغذائية ويصادرون المشتقات إلى السوداء وينهبون المال العام مما رفع الاسعار وقطع الرواتب وسبب معاناة كبيرة للمواطن ، ولو تعاملت جماعة الحوثي تعامل انساني مع المواطن اليمني لما حدثت اي معاناة خلال هذه الحرب .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي