الاستقالـة والـوطن ؟

محمد قشمر
الأحد ، ١٩ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٥١ مساءً


الوطن هو المعنى الأسمى للعلاقة الثنائية بين الفرد والأرض ، لأن الأرض هي  أداة الوصل بين الروح والطبيعة أياً كانت ، فكم من شعوب كان لها ارتباط وجداني مثير مع أوطان غالباً لا تصلح للعيش ولكن بإصرار البشر وقوة انتمائهم لتلك الأوطان الخالية من مقومات الحياة صنعوا اوطانا ً وحضارات أذهلت العالم ، اليمن وطن حباه الله بالكثير من المميزات التي لم تتوفر بغيره من الأراضي على كوكب الأرض ،وفيه  من الآيات  والجنان العظيمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم ، لهذا كانت ارض خيرٍ حتى وهي تمر بأقسى الظروف والمحن ، الان اليمن يمر بمرحلة انحدار مخيف في كل المجالات الإنسانية والعقائدية والاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها من المجالات التي يعيش بها ولها الانسان اليمني، وفي مثل هذه الظروف دائماً الوطن يحتاج الى قيادات استثنائية قادرة على مواجهة كل تلك الأزمات والظروف بحكمةٍ بالغةٍ من اجل الخروج بالوطن من نكباته التي تقتل الحياة وتشوه الجمال على وجهه المتعب الحزين.


 الإعلام يلعب الدور الخفي والبارز في زيادة النتوءات والتشوهات التي تزيد من علة الوطن اليمني او يمكن أن يساهم في تصغير المشكلات والبحث عن حلول وبدائل لكل تلك الأزمات.

 
لهذا القيادات العليا في مثل هكذا ظروف تبذل اقصى جهدها في اختيار الأشخاص المميزين للمشاركة في الحكم من أجل سلامة الارض والانسان. 


هادي الرئيس اليمني دائماً يبذل الجهد في التعيينات وفي حالات ٍ كثيرة تتكسر أحلامه واحلامنا على حائط الغباء الإداري أو الوطني الذي يعيث بأرواحنا فساداً وإهمالاً وتعطيلا. تم تعين عبد العزيز المفلحي محافظاً  لعدن فاستبشر أبناء عدن وحضرموت ويافع وابين وصنعاء وتعز وكل المحافظات لأن الإعلان قال بأن الرجل المعين في هذا المنصب هو صاحب الرصيد الوطني الأوفر وصاحب الخبرات الاقتصادية التي تحتاجها عدن كركيزة ٍ اقتصادية يمنية معاقة تحتاج الى خبير استراتيجي لإغاثتها وانعاش حالتها التي تعد متأخرةً نسبياً ، هو إذاً المفلحي لا غيره الذي يستطع ان يقوم بهذا الدور ، هو المفلحي الذي يحمل الخبرة الإدارية والمالية او الاقتصادية والإدارية لهذا الدور المهم في حياة عدن ، ولكن لكل حصان كبوة ولكل عالم هفوة ، فقد كان لاستقالة المفلحي عن قيادة محافظة عدن وقع الصدمة على نفوس كل اليمنيين عموما، لماذا لا لأن الاستقالة أتت في وقتٍ مبكر على البدأ في قيادة عدن الملتهبة بكل التشنجات اليمنية اليمنية واليمنية الإقليمية. عدن التي تجلس على فوهة بركان سياسي نشط يبحث عن الفرصة لينفجر في وجه الوطن الأم ليعبث بكل المشاعر اليمنية الماضية والحاضرة.


الاستقالة كان لها أثر سلبي كبير في قلوب الكثير من اليمنيين وأولهم أبناء عدن الذين ملئهم الإعلام أملاً هم يستحقونه بهذا الرجل الناجح، الا أن تلك الاستقالة لم تكن موفقة في الطرح والمضمون لأن الاختيار الذي وقع على المفلحي كرجل دولة يحمل هماً وطني يجعله يقاوم مثل أولئك الذي يقاتلون في الصفوف الأمامية من اجل التحرر من الانقلاب النتن المخيف الذي يهدم الروح والعقل اليمني. 


الكل لاحظ كيف نشطت الأقلام والإعلام الموازي من أجل تشويه الصورة فوق ما هي مشوهة وحاول المرجفون والمفسدون في الأرض الاستفادة من تلك الاستقالة والترويج بأن الفشل هو المصاحب دائماً لقرارات التعيينات التي تقدمها القيادة كحلول للأوضاع المأساوية.


 انا أؤمن بأن الاقتصادي الناجح المفلحي لم يكن موفقاً حتى في طرح الاستقالة، الا إذا كان هناك هدف خفي في إثارة شيء يساهم في زيادة توتير الأوضاع في عدن خاصةً والمناطق المحررة عامة ضد القيادة السياسية عموماً وعلى راسها هادي وهذا ما لا أعتقده أبداً ثقةً مني بشخص عبد العزيز المفلحي الذي يعرف جيداً ماذا تعنيه إدارة الأزمات. 


عدم قبول الاستقالة من قبل الرئيس هو للتأكيد بوطنية المفلحي وبقدراته في تقديم شيء فعال وناجع لمشاكل عدن، وبقاء الرئيس في عدن الى جوار الحكومة برئاسة بن دغر (الذي لا نبرأها من العيوب والمفاسد) او غيرها ،والى جوار المحافظ والسلطة المحلية قد يكون له كبير الأثر في تطبيع الحياة في جوهرة الاقتصاد العالمي المنسية عدن. لعل الوطن يصحو على قيادة متماسكة تحل مشاكلها مع القيادة العليا بعيداً عن الاعلام الذي يكسر الآمال ويقيد الوطن بحروفٍ من نار تحرق الجميع.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي