التعليم في اليمن بين هجمة الحوثي والاستغاثة!!

عبير عتيق
الاثنين ، ٢٣ اكتوبر ٢٠١٧ الساعة ٠٧:٠٨ مساءً

 

جميعنا يدرك أن التعليم هو المعيار الذي يُقاس به تقدم الأمم وتطورها في شتى المجالات اجتماعياً، واقتصاديا ، وثقافياً، وسياسياً، بل هو الركيزة الأساسية لقيام الحضارات والمجتمعات الواعية المثقفة التي تعرف به حقوقها وواجباتها.

صار العلم السلاح الذي تتسلح به الدول لتحفظ به أمنها واستقرارها وديمومة تقدمها نحو الأفضل، فلا جهل، ولافقر، ولا أمراض، ولا عنصرية، ولا حروب مع العلم.
وأصبحت دول العالم تتنافس على جودة التعليم وابتكار أساليب جديدة وطرق جذابة من أجل الفوز بالعقول البشرية التي تُعد الثروة العظمى لكل مجتمع ،والقضاء على الأمية.
فبسلاح العلم ترتقي الأمم وبدونه تندثر.

كل ماسبق هو ماندركه جميعاً ولكن لا نلمسه ولا يُعمل به  رغم أهميته وتأثيره على المدى البعيد.
فحال التعليم في اليمن لا يخفى على أحد، فها قد بدأ العام الدراسي في جميع الدول وأطفال اليمن مازالت آمالهم معلقة بالنظر إلى حقائبهم كل يوم متساءلين متى يحملونها في طريقهم إلى المدرسة؟؟!.

فحسب الإحصائية التي أعلنت عنها اليونسيف أن ٧٠٪؜ من اليمنيين محرومون من التعليم.
كما أن ٧٨٪؜ من المنشآت التعليمية كالمدارس والمعاهد والجامعات متضررة كلياً أو جزئياً، و٢٢٪؜ منها تم تحويلها إما مأوى للنازحين أو ثكنات عسكرية من قبل ميليشيا الحوثي.
نِسب مرعبة، لأننا ندرك ما ستأول إليه اليمن من جهل يؤخرها عن ركب مسار الحضارة والتقدم.

هذا ماسعت إليه جماعة الإنقلاب المتخلّفة ومازالت تسعى في هذا الاتجاه من خلال تدمير التعليم في اليمن واحتكاره في فئة معينة كما صنع أجدادها الأماميون الذين لم يقدموا شيئاً لليمن وأبناءها في مجال التعليم ، وانطوت صفحتهم ولم يتركوا حسنةً واحدةً تتذكرهم اليمن بها.

هذه العصابة تمارس عملية نشر ثقافة العبودية والخضوع والتسويق لمشروعها الطائفي من خلال فرض الوصاية على التعليم في اليمن.
وماتقوم به في مسيرتها القرآنية من تدمير للمدارس، وقطع رواتب المعلمين ، وتغيير في المناهج الدراسية من أجل زرع الفكر الطائفي ودغدغة عقول الأطفال وتحوير أفكارهم وأحلامهم عن ولاءهم وحبهم للوطن لصالح الدفع بهم لمحرقة الحرب وهي بذلك تقضي على مستقبل الأمة، وزيادةً في تعقيد المسألة فرضت رسوم المجهود الحربي على الطلاب ماجعل الغالبية تعجز عن الذهاب إلى المدرسة بسبب صعوبة تسديد هذه الرسوم
وكل هذا يؤكد حرص ميليشيا الإنقلاب على تدمير العملية التعليمية والتحكم بها طبقاً مصالحها وأهدافها الخاصة.

عصابة الحوثي في الحقيقة هي تخوض معركتين في ساحتين مختلفتين إحداهما في جبهات القتال ضد الشرعية والأخرى معركتها ضد التعليم من أجل زرع أفكارها ومعتقداتها النتنة وإعادة البلد إلى عهد التخلف والجهل والمرض.
لكم أن تتخيلوا أن أحد قاداتها المُدّعي زيفاً بالاستنارة ودعم الشباب يدعو لإغلاق المدارس وتوجيه كوادرها وطلابها لساحة الحرب من أجل حسم المعركة لصالح عصابة الإنقلاب ولو على حساب مستقبل الوطن؛ في حين يُرسل ابناءه لإكمال دراستهم في الخارج.

نحن كل يوم نخسر بسبب ما يلحق وطنا من تخريب وتدمير للبنية التحتية، نخسر أرواح طاهرة تتساقط كل يوم، وأحلام تُدفن، وأطفال تُشرد......إلخ. وسنظل نخسر حتى انتهاء الحرب الظالمة.
ولكن يجب أن نعلم أن خسارتنا في التعليم لا تُضاهيها أي خسارة ، فنحن بذلك نخسر العقل والفكر والطموح الذي يُعول عليه في بناء وتعمير الوطن حاضراً ومستقبلاً.
 
لذا بصوتي وصوت جميع أبناء اليمن في الداخل والخارج أناشد منظمات التربية والثقافة والعلوم العربية، ومنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "اليونسكو" وكل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في العالم ، ومجلس الأمن الدولي ، والأمين العام للأمم المتحدة ، العمل الجاد والسعي نحو إيجاد حلول جذرية تحفظ للتعليم حُرمته بعدم إقحامه في الصراع السياسي والطائفي القائم في البلاد.

نحن لا نناشدكم من أجل شراء الدُمى أو بناء الملاهي أو تشجير الحدائق ليتسلى بها الأطفال.
إنما نناشدكم من أجل حق مشروع يُحرم منه أطفال اليمن في ممارسة حقهم في التطلع إلى بناء مستقبل اليمن السعيد.


أتمنى أن يصلكم نداؤنا، وتستوعبه عقولكم وتُفتح له قلوبكم  من أجلنا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي