ميدان السبعين والاستغاثة المؤلمة

محمد القادري
الثلاثاء ، ١٩ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٣:٣٣ مساءً

 

كأنني اسمع ميدان السبعين في صنعاء يستغيث ويستنجد وينادي قائلاً : انقذوني من جماعة الحوثي التي تريد ان تحتفل بذكرى انقلابها على الجمهورية وثورة سبتمبر فوق ترابي .
اسمع ميدان السبعين يقول : ايها اليمنيين انا سميت بهذا الاسم نسبةً لحصار السبعين يوماً التي صمد بها رجال ثورة 26 سبتمبر ضد حصار الامامة ، فهل يعقل ان تصبح ارضيتي اليوم ميداناً للاحتفال بذكرى انقلاب 21 سبتمبر الذي هدفه الاساسي هو القضاء على ثورة سبتمبر المجيدة التي انطلقت في عام 1962 ؟ 

أسمع ميدان السبعين يستغيث حزيناً متألماً يقول : خلصوني من الأمامين الجدد
الحوثيون سلبوا كرامتي وعزتي وتأريخي .
أين شباب 26 سبتمبر الثوار ؟ 
أين رجال اليمن الاحرار ؟ 
اين احفاد الشهيد علي عبدالمغني والثلايا والزبيري؟ 
عارٌ عليكم ان تعود الامامة بعد مدة 52 سنة من رحيلها .
وصمة عار في جبينكم ان يصبح ميدان السبعين اليوم تحت سيطرة وعبث الإماميون الجدد وميليشياتهم .


الفعالية التي سيقيمها الحوثي في ميدان السبعين بمناسبة الذكرى الثالثة لانقلابه المشؤوم يوم 21 سبتمبر ، هي فعالية أكد فيها انه هذا اليوم هو اليوم الاسود في تأريخ اليمنيين الذين انتقلوا فيه إلى مرحلة سيئة يعيشون فيها المعاناة والاستبداد والفوضى والظلم والعنصرية ، وكما هو معروف ان جماعة الحوثي رفع سعر اسطوانات الغاز المنزلي إلى اكثر من 5000 ريال ، من اجل ان تستخدم الفارق في السعر لتغطية تكاليف هذه الفعالية ، اي ان المواطن اليمني الذي ترغمه الحوثية على الاحتفال بذكرى انقلابهم من خلال ذهابه لميدان السبعين ، هو في نفس الوقت من يتحمل نفقات الفعالية وتكاليفها الاعلامية ، ولم تكتفي جماعة الحوثي بما تحمله هذا المواطن طيلة ثلاث سنوات من غلاء اسعار ومصادرة خدمات ومتاجرة بالدماء ، ولم ترحم لحاله وتشفق على اولاده .

 يا ترى كيف سيتحدث العالم عننا عندما يشاهدون احتفال الحوثي بيوم 21 سبتمبر ؟ 
لم يحدث في العالم ان هناك دولة عادت للخلف وانقلبت على ثورتها الوطنية بعد مدة 52 عاماً من تحريرها إلا اليمن فقط .
في دول العالم تقوم ثورات ويتقدم شعوبها نحو الافضل وتتجسد فيهم تلك الثورات جيلاً بعد جيل ، إلا الشعب اليمني فقد عاد جيله إلى العهد الذي كان يعيشه  اجدادهم عصر الظلم والكهنوت وتخلصوا منه عندما  قاموا بثورة 26 سبتمبر المجيدة لينقلوا الوطن وشعبه إلى مرحلة جديدة ، ولكن للأسف جيل ما بعد الثورة السبتمبرية  عاد إلى مرحلة ما قبلها ولم يحافظ على تلك الثورة العظيمة التي يعتبر اي انقلاب عليها هو ملامة كبيرة  على كل يمني وخزيٌ وعار عليه ... بل ان الموت خير له من الحياة وباطن الارض خير من ظاهرها .

 عندما نشاهد الحوثي يحتفل بذكرى انقلابه في ميدان السبعين ... ماذا سنقول لضمائرنا ؟ 
ماذا سنقول لثقافتنا وتعليمنا؟ 
ماذا سنقول للعالم والتأريخ ؟ 
ماذا سنقول لتضحيات شقيقتنا  مصر وزعيمها جمال عبدالناصر ؟ 
ماذا سنقول لثورة 26 سبتمبر ؟
ماذا وماذا وماذا سنقول ؟ 
تساؤل مؤلم جداً ليس له اي جواب او رد مقنع او مبرر مقبول ، والجواب لن يكون إلا بتحرير اليمن كاملاً من هذا الانقلاب الكهنوتي ، واستعادة ثورة 26 سبتمبر التي باستعادتها سنستعيد كرامتنا وعزتنا وحريتنا وشرفنا وتأريخنا وتقدمنا ودولتنا المنشودة ، وسنثبت للعالم والتأريخ اننا متعلمون لا جهلة واحرار لا عبيد .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي