ننتقدهم.. لأن ملابسهم ليست أنيقة

كتب
الأحد ، ١٠ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً

 

عارف أبو حاتم
الخميس الماضي قال الزميل نبيل سبيع من صحيفة الأولى إنه مع فض الساحات، وإنهاء حالات الاعتصام، المستمرة منذ سنة ونصف... أتفق معه، غير أن زميلي العزيز قال: إن ساحة التغيير بصنعاء منذ جمعة الكرامة أصبحت ساحة تغيير الجوارب والوجبات، مبدياً قرفه ممن ينشرون ملابسهم على عتبات الخيام.
سأفترض مجازاً أنني ممن كانوا خارج الساحات ولم يمكثوا فيها طويلاً، فأين كنت/ كنا.
في المساء ننفق الليل كله في ليالٍ صاخبة ودافئة في أحضان زوجاتنا، وفي الصباح يبدأ يومنا من الاستحمام بالمياه الساخنة، ثم نرتدي الملابس الأنيقة، المكوية بعناية، ثم نتناول وجبات لذيذة ودافئة، ولا مانع من تصفح “النت” سريعاً مع أول كوب قهوة، وقبل الخروج نتأكد من لياقة مظهرنا، وتشذيب وجوهنا الناعمة بفعل شفرات “الجيليت” الأصلية، ثم نعمل بنصيحة محمود درويش: “زخة عطر الصباح قد تغير مجرى يومك”.
ونتجه إلى ساحة التغيير، ننظر إليها باشمئزاز ابن “الهلو”، لا يروقنا منظر جوارب فتى علقها فوق باب خيمته، أو موقف مسن بيده الصحن أمام مقر التغذية، بانتظار وجبة غدائه.
وكأن هؤلاء مجرد “قطعان” وظيفتهم أن يكونوا وقود معارك، يضحون بكل شيء: من فراق العائلة، إلى تقديم النفس، في سبيل الخلاص، وتحقيق أهداف الثورة الشعبية.
سننتقدهم لأن ملابسهم ليست أنيقة ومرتبة بما يكفي، لراحة أعيننا المشمئزة.
وبهذا النقد نعتقد أننا قادة رأي، وقادرون على إقناع الرأي العام بما سنذهب إليه.
قبل ذلك علينا أن نسأل ذواتنا المنمقة، والأنانية أيضاً:
أين كنا يوم كان ذلك الفتي يغسل جواربه وملابسه الداخلية بيديه، وينشرها في باب خيمته؟!
هل كنا مثله، أم ملابسنا تُغسل وتُكوى بأناقة ملفتة؟!
وذاك المسن الواقف في طابور الصرف ينتظر وجبة غدائه، هل وقفنا إلى جواره، أم كانت أعيننا تجول في الموائد العامرة، في بيوتنا، وفي المطاعم الفخمة؟!
وذلك الأربعيني الذي يتفقد أولاده بمكالمة هاتفية يسربها من تحت بطانية شتوية، نصفها ممزق، ونصفها الآخر يسكنه الغبار، هل كنا نفعل مثله، أم كنا نسترخي فوق الكنب ببجامة شتوية من ماركة “بير كاردين”، ونحدق في القنوات باسترخاء، نبحث عن فيلم جديد لـ”توم هانز” ؟!
عملية النقد وتسجيل الانطباعات الأولية سهلة وسريعة، لكنها هشة القيمة.. يجب أن نتوقف عن الكتابة حول كل ما نراه، بل نكتب عن أشياء نعتقد أن الناس بحاجة لمن يكتب عنها.
[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي