الناصرية حركة سياسية علمانية وليست دينية

كتب
السبت ، ٠٩ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٣ مساءً
محمد ناجي احمد يخطئ الناصريون حين يعرفون توجهم الفكري بأنه :حركة اجتهاد في إطار الاسلام ،ويخطئون كذلك حين يتوهمون مرجعية دينية لحركتهم السياسية ورؤيتهم للاقتصاد والمجتمع ! يبدو لي أن ما حدث في 78م لم يكن خسارة في القيادات ،وإنما تصفية لفكر يساري ،رؤيته الثورية لا تهادن ،تحت مبررات الواقعية السياسية ،ورؤيته للعدالة تقوم على استحقاق الانسان للكرامة والحرية ... لقد فقد الناصريون باستشهاد قياداتهم عقلهم الفكري ،الذي كان ينشغل بالمثاربة على المعرفة وقراءة الأفكار وحركة الواقع ،ليأتي بعدهم جيل انغمس في حركة الأحداث وانقطع عن التفكير ! في حواره اليوم ،الذي اجرته معه صحيفة الجمهورية يعرّف "عبد الله نعمان المحامي "-وهو احد القيادات الناصرية -الناصرية بأنها ذات مرجعية دينية !،حين قال بضمير الجمع "نحن نعتبر أنفسنا من القوى التي تحمل فكرا له مرجعية إسلامية "وحين يتحدث عن كتلة تاريخية للتغيير فيتصورها قائمة على اساس الناصريين والاسلاميين "وعلاقتنا بالاسلاميين قائمة على حقائق التاريخ وتجاوز أخطاء الماضي وادراك واعي بأن القوميين والاسلاميين هم أساس الكتلة التاريخية التي يمكنهاأن تحمل مشروع النهوض لهذه الأمة "! أزعم أن العروبة وهي تستلهم مكونات الأمة الفكرية والمادية ،وتنفتح بندية على الغرب منذ "محمد علي باشا ،ووصولا إلى جمال عبد الناصر "هي في الاساس حركة علمانية ،بكل ما تعنيه العلمانية من استلهام طاقة الأديان في التغيير ،لكنها ليست حركة دينية ،وانما توجها يساريا ،وضع في ذهنه شعار" تحرير الانسان من استغلال أخيه الانسان " وهو شعار تجمع كل حركات اليسار عليه ،في الماضي أو الحاضر ،أكانت ثورة للعبيد ضد الأسياد ،أم ثورة الفلاحيين في العراق وسوريا"القرامطة " والأقباط بمصر ،أو حركة ابن الفضل ،وابن حوشب في اليمن ،أو حركة سعيد الجنابي في البحرين ،أو الحركات السياسية التي استثمرت التصوف للثورة في المغرب وخاصة في حركة الموحدين والمرابطين ...،كل تلك الحركات أخذت لنفسها طريق الثورة على الظلم ،وإعادة النظر في المال والسلطة ،أي انها لم تنشغل بترتيب العلاقة بين الفرد والله... أما عن حديثه بخصوص أن الصراع بينهم وبين الاسلاميين صراع سياسي وليس على أساس الكفر والإيمان ،فهو قول مخاتل سبق أن طرحه "عصام العريان "وبعض القايادات الاخوانية بمصر ،وكان غرضهم من تلك الصياغة هو الهروب من الاعتراف بأخطاء الماضي ،من خلال الحديث عن صراع سياسي وليس ديني !و هل يتصارع الناس الاّ على أساس الدينار والدرهم !المشكلة تكمن في استخدام الدين في الصراع السياسي ،وهو ما يمارسه الاخوان المسلمون في المنطقة ،منذ أربعينيات القرن العشرين ،هذا الاستثمار هو الذي يجب أن يدان ،فالتكفير استخدم في لعبة السياسة وصراع المصالح ولا زال يستخدم ،وهو نهج يحتاج إلى اعتراف بكارثيته ،والقطيعة معه ،فلا يكفي القول بأن الصراع بين الناصريين كان صراعا سياسيا وليس دينيا !فنحن نعرف أن توظيف الدين والتكفير استخدم ابتداء بالاختلاف حول قانون الاصلاح الزراعي ،في الخمسينيات ،ثم الصراع بسبب صدور القوانين الاشتراكيه في الستينيات ،أي أن التباين في الرؤية للسلطة والمال والمجتمع هو جوهر الخلاف بين الناصريين والاسلاميين ... القول بالمرجعية الدينية للناصرية ،والحديث عن كونهم قوى اسلامية ،وانهم أساس الكتلة التاريخية باعتبار أنهم والاسلاميون في خانة اليمين ،يفقد الناصرية حضورها وتميزها ،بل ويحدث قطيعة مع تاريخها !
الحجر الصحفي في زمن الحوثي