الرئيس هادي والمفهوم الذي لم يفهموه

محمد القادري
الأحد ، ٠٦ أغسطس ٢٠١٧ الساعة ٠٦:٤٨ مساءً
 
منذ تولي فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي زمام قيادة اليمن ، اتضح من خلال تعامله واصدار قراراته وتوجهاته أن هناك مفهوم راسخ في عقلية الرئيس ، ولديه قناعة ان هذا المفهوم سيكون الحل لكل مشاكل اليمن لو يفهمه الجميع من اليمنيين احزاباً وجماعات واطراف وكل المكونات ، وسعى الرئيس منذ اول يوم تولى فيه السلطة لتجسيد هذا المفهوم لدى الجميع ، ولكن لأن الاغلبية لم يفهموه ، حدث ما حدث وكان الوصول إلى ما وصلنا إليه .
 
هذا المفهوم المرسخ في عقلية الرئيس هادي هو 
مفهوم القبول بالجميع 
واحتواء الجميع 
والشراكة مع الجميع 
والتقاسم بين الجميع 
فالوطن يتسع للجميع 
واليمن ملك للجميع 
ويجب ان يحافظ عليها الجميع ويبنيها الجميع 
ويتفق على مصلحتها الجميع
ويتعاون من اجلها الجميع 
 
فقام الرئيس هادي بدعوة الجميع 
وعقد مؤتمر تحاور فيه الجميع 
وخرج بنتائج وتوصيات وقع عليها الجميع 
ولكن لأن البعض من ذلك الجميع ، لا يريد مصلحة الجميع  ، فحدث ماحدث بين  الجميع ، في وطن الجميع ،  وتأثر الجميع .
 
 لو نظرنا إلى تأريخ اليمن القديم كالتأريخ الحميري لوجدنا ان الشراكة والشورى هي سبب استقرار اليمن وتوحده ، وايضاً لو نظرنا إلى اليمن في السنوات الاخيرة ، لو وجدنا ان الوحدة اليمنية صنعتها الشراكة بين المكونات السياسية الممثلة للقواعد الشعبية التي اشتركت في التأييد ، وان الاستقرار في اليمن الشمالي واليمن بعد الوحدة كان بسبب وجود الشراكة بين الاطراف ، وان المشاكل التي حدثت كحرب الانفصال وما بعدها كانت سببها هو عدم وجود مفاهيم الشراكة الحقيقية التي تمنحها الاستمرار والديمومة ،  فتم التوجه  نحو الاستحواذ والانفراد  وسعى كل شريك للتخلص من الاخر .
 
 طبيعة المجتمع اليمني وتشكيلاته اليوم من احزاب ومكونات وكيانات ، تفرض وجود شراكة بمفهومها الحقيقي ، في ظل تجمع الجميع تحت مظلة الدولة الشرعية ، ومن يحارب هذه المظلة فيجب على الجميع ان يتوحدوا ضده .
 
 مفهوم الشراكة الحقيقية التي يريدها الرئيس هادي ، هو الشراكة في صناعة "الكعكة" ، وليس مفهوم الشراكة في تقاسم " الكعكة" ، الذي كان يحمله صالح وشركاءه من قبل.
ولعل ذلك المفهوم كان يحمله صالح وشركاءه هو من انتج المفاهيم المغلوطة التي يعاني الكثير منها حالياً ، فمفهوم الاقصاء والتهميش والالغاء والنظرة الحزبية والمناطقية والتعصب وسعي كل مكون ان يكون هو الاكثر والاكبر والاقوى هي العقبات التي تقف امام وجود الشراكة الحقيقية والناجحة .
مشكلتنا اننا فهمنا ان الحزبية من اجل بعضنا بعضاً داخل الحزب ، وان الوطن من اجل الحزب ، وليس الحزب من اجل الوطن والوطن هو حزب الاحزاب .
مشكلتنا اننا ننظر ونقارن على أسس جزئية وليس على أسس عامة .
ولهذا اصبحنا نحارب بعضنا بعضا ونكره بعضنا بعضاً .
 
ومفهوم الشراكة الحقيقية الذي يحمله الرئيس هادي يريد منا ان نتخلص من كل تلك المفاهيم المغلوطة ، ونحمل المفهوم الذي يجعلنا نتنافس من اجل الوطن ، من سيكون الاكثر نجاحاً واخلاصاً ونزاهة وخدمة ، ونصنع الكعكة تلو الكعكة تلو الكعكة ونجعل الوطن غنياً بالكعك !!
 
الرئيس هادي فتح باب الشراكة للجميع.
فالاطراف التي تقف مع الدولة الشرعية اليوم ، هي الاطراف التي فتح لها الرئيس هادي باب الشراكة في بناء الدولة اليمنية تحت شعار الوطن يتسع للجميع ، ولم يقصيها ويلغيها ويحاربها كما حاربها صالح من قبل .
فالحزب الناصري الذي كان صالح يحاربه ويهمشه ويستبعده ، ها هو هادي يفتح له باب الشراكة ويعطيه حصة من السلطة .
والحزب الاشتراكي اليمني  كذلك .
وحزب الاصلاح  وجماعة السنة ايضاً .
ويجب على هؤلاء ان يعلموا ان الشراكة معناها ان يعمل  الجميع من اجل بناء دولة للجميع وليس من اجل بناء دولة لأحد منهم .
 
 والاطراف التي تقف ضد الشرعية اليوم ، هي الاطراف التي فتح لها الرئيس هادي باب الشراكة ولكنها رفضت واصرت على محاربة مشروع الوطن للجميع ، لانها تحمل مفهوم مشروع الوطن للفرد والذات والعائلة .
فجماعة الحوثي فتح لها هادي باب الشراكة ولم يقصيها من قبل ولكنها أبت ورفضت .
وعائلة صالح ايضاً لم يقصيها هادي واراد ان تكون شريك من ضمن بقية الشركاء ، ولكنها رفضت وارادت ان يكون الوطن مشروع خاص  بها لوحدها كما كان سابقاً .
وبعض اطراف الحراك الجنوبي كعيدروس الزبيدي وهاني بن بريك  ومن معهم فتح لهم الرئيس هادي باب الشراكة في بناء مشروع اليمن للجميع ، واعطاهم قيادات المحافظات الجنوبية ، ولكنهم رفضوا واصروا على محاربة مشروع الدولة الشرعية والسعي لخدمة مشروعهم الخاص .
وعلى هؤلاء اليوم ان يعلموا ان المشروع الوطني قادم لا محالة وسيعم كل اليمن  ، ولا مجال لمشاريعهم الظلامية التي تريد ان تجعل الوطن ملكية خاصة يتصرفون كيفما يشاءون .
 
مفهوم الوطن يتسع  للجميع ، يفرض على الجميع  ان يكون مشروعهم الوطن .
ومن لم يكن مشروعه الوطن ، فيجب على الجميع ان يخلصوا الوطن منه .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي