الاستجابة أغلى غايات الكلمات الطيبة

كتب
السبت ، ٠٩ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٣٣ مساءً

كتب - حسن أحمد اللوزي

{ ليس هناك ما هو أشد وطأةً على النفوس والأفئدة من المشاعر الإنسانية المتداخلة والمتعارضة وهجمتها عليها في وقت واحد أو في مسافة زمنية قصيرة!!

{ ولا يدري الإنسان من أين تأتي الطاقات الخفية في ذاته، والتي تمكّنه من التحكم في الصراع النفسي والوجداني الذي يدور في لحظة ما حين تكون مشاعر الحزن هي الغالبة والمتحكمة في مواجهة مشاعر الاستبشار والأمل، ومن شهر تبدو هناك مساحات أخرى قابلة لإثمار مشاعر متعادلة تهدهدها يد اللطف بالإنسان القابل دائماً للانكسار!! وللانهيار إلا مَنْ عصم اللَّه سبحانه وتعالى.

{ تلك واحدة من الصور العديدة والحاكمة لمشاعر وأحاسيس الجموع الغفيرة التي تقاطرت إلى مطار صنعاء الدولي لاستقبال الأخ الجليل الأستاذ صادق أمين أبو راس، نائب رئيس الوزراء السابق والشخصية الوطنية والقيادية المرموقة والمهمة في الحياة السياسية في بلادنا، والتي استطاعت أن تحتل مكانتها المتميزة باقتدارها والنجاح الكبير الذي حققته، وصارت لها بصماتها الواضحة على صعيد العمل التنفيذي الحكومي والمحلي وفي الحركة التعاونية اليمنية والحياة الاجتماعية وفي العمل التنظيمي والحزبي، ومع ذلك كله فإن صورةً مشرقةً بل مبهرة للأخ الأستاذ صادق أمين أبو راس بوجهها البطولي الوضّاء وأهم صفات الفروسية والوطنية الحقة، قد تجلّت في شدة الأوضاع والظروف العصيبة وفي مشهد راقٍ وعميق يبعث على الفخر والاعتزاز والشموخ وروعة الإباء، كما أفصح عنه خطابه المهم المركّز والمرتجل الذي ألقاه في الحشود التي جاءت لاستقباله.

{ نعم، لقد فوجئت الجموع المحتشدة أمام بوابة المطار وفي الطرقات المتقاطعة، بتوقف السيارة المقلّة له، وبرغبة منه، ليلقي في حضورهم ذلك الخطاب التاريخي بكل ما احتواه من كلمات صادقة نابعة من نقاء النفس وحرارة القلب وصدق الضمير الوطني، أراد بها أن ينتهز فرصة بالغة الأهمية بالنسبة لليوم التاريخي وللذكرى الأليمة الماثلة فيه ولما ظل يجيش في صدره طوال فترة غيابه وهو يتلقى العلاج من الجراح الغائرة والإصابات البالغة التي تعرض لها في جريمة الاعتداء الإرهابي الغادر، التي استهدفت القيادة السياسية العليا في البلاد في حينه، ورؤساء المؤسسات الدستورية وكبار المسؤولين والقادة والضباط والصف وهم يؤدون صلاة الجمعة وفي أول جمعة من شهر رجب الحرام، والتي كانت تريد الإطاحة بالوطن بكامله، قيادةً سياسيةً عليا، ودولةً ونظاماً دستورياً راسخاً، لولا لطف اللَّه وعنايته سبحانه وتعالى بمن أراد لهم الحياة، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية السابق وتوجيهاته التي حصّنت الوطن من الوقوع في هاوية المخاطر الجسيمة التي لا يعرف إلاَّ اللَّه المدى الذي كان يمكن أن تصل إليه بالبلاد، لكنه سبحانه قدَّر ولطف.

{ ولا شك أنها ذات المخاطر التي ما زال يستشعر تهديدها الأخ الأستاذ صادق أمين أبو راس، وأراد أن ينبّه الجميع إليها، داعياً إلى حقن دماء اليمنيين وإلى دفن الخلافات وإنهاء الصراعات التي لا طائل من ورائها إلاَّ مواصلة الإضرار بالشعب وبالوطن والإجهاز على مقدراتهما وضرب المصالح العليا الوطنية التي يجب أن تكون فوق صور وأشكال المصالح الأخرى، موجهاً تلك الكلمات النورانية الطيبة إلى كافة قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية والشخصيات الوطنية ولكل أبناء الشعب، واثقاً بأنها سوف تلقى الاستجابة الكاملة من قبل الجميع من أجل رص الصفوف من أجل اليمن أولاً وثانياً وإلى ما لا نهاية، وكأن لا معنى لعودته في هذا التاريخ المهم بكل دلالاته الحزينة والمؤلمة إذا لم يُلق ذلكم الخطاب وإذا لم يصرخ واثقاً ومتفائلاً بتلك الكلمات الصادقة والشجاعة والنافذة إلى كل القلوب المؤمنة والعقول الحكيمة والنفوس الوطنية الأبيّة، ولا شك أن عظمة تلك الكلمات أنها جاءت ممن أراد له اللَّه الحياة مع إخوانه الشهداء الأحياء ليؤدي دوره الفاعل والمؤثر من أجل صيانة الحياة وإعادة إعمارها ومواصلة بناء اليمن الجديد.

{ ولا شك - أيضاً - أن على الجميع الإمعان في النظر والتمثل للمعاني السامية الوطنية والدينية في عمق تلكم الكلمات الوفية والنقية والصادقة، التي تدل على الإيمان الذي يصون روح الإنسان ويصقل معنوياتها ويقوّيها وعلى نعمة الحبّ الغالي والعظيم الذي ينبض ويعيش بها القلب ويزدهر الوجدان، وأقدس ذلك على الإطلاق حبّ اللَّه سبحانه وتعالى وحب رسوله عليه الصلاة والسلام وحبّ عيال اللَّه من عباده، وحبّ المواطنين، والذين يرمز إليهم في أروع التجليات حبّ الوطن الذي هو من الإيمان.

{ دائماً ما يكون النبع الصافي للكلمات الطيبة هو صدق الإيمان وجلاء الحكمة وصفاء الطوية والنية وعظمة الحبّ والإخلاص والولاء للقيم السامية والمبادئ الوطنية والإنسانية، فهل تتحقق الاستجابة التي تنشدها الكلمات الطيبة ويستحقها الوطن من قبل الجميع؟!

الثورة 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي