مسدَّس في مجلس النواب..!

كتب
الخميس ، ١٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٢٨ مساءً
  محمد الشلفي قرّر مجلس نواب الشعب منع أعضائه الدخول إلى قاعة المجلس بالسلاح الشخصي أو السلاح الأبيض بعد محاولة عضو يُدعى خالد الصعدي إشهار مسدسه على النائب أحمد الخولاني على خلفية مشادات حول تصريحات أطلقها النائب عبده بشر، كان هذا هو الخبر المخزي للأسبوع! يظهر قرار مجلس النواب مدى تأخرنا في أبسط القرارات؛ إذ كيف سنطمئن على مصير اليمن إذا كان رئيس مجلس النواب وأعضاؤه يحملون السلاح؟ وكيف سنقنع المواطنين بعدم حمل السلاح؟ وهل هؤلاء هم من سيعملون على صياغة دستور جديد خلال المرحلة القادمة؟. أشك في أن النائب الصعدي أدرك حجم الكارثة التي يتسبب بها هو ومن يشبهه من السياسيين في اليمن بتصرفات من هذا النوع التي تهين أعلى سلطات البلاد وتجعل أي حديث عن جدوى التغيير والدولة المدنية مضيعة للوقت. لا يعرف الصعدي كم مواطناً صالحاً بعد قراءته لخبر كهذا حدث تحت قبة البرلمان فقد ثقته في إمكانية رؤية بلده ذات يوم تعلي من قيمة القانون، ويحترم مجلس النواب المهمة الجليلة الملقاة على عاتقه. يتحدث رئيس الجمهورية عن الدولة المدنية والعدالة والمساواة، وتكاتف الجهود لتهدئة الوضع لإخراج البلاد مما هي عليه، وكلما فكر طرف يمني بصحة ما يقول الرئيس، نرى التصعيد على يد نائب يهم بإشهار مسدسه في البرلمان بسبب خلاف في الآراء. يستنكر رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة (النخيط) و(الشخيط) الذي ولى زمانه، داعياً القبائل إلى إلقاء السلاح، وإذا ما كُتِبَ وفكر قبيلي مسلح بجدوى الفكرة، نقرأ خبر النائب الصعدي ومسدسه في البرلمان. نحرص على إقناع أنفسنا بالدور المحترم لمجلس النواب وأهمية تصحيح نظرتنا المنتقصة من دوره، فيؤرق منامنا مسدس في مجلس يمثل صوت الشعب، وسيظل الحادث يربطنا بالفكرة المشوّهة عن هذا المجلس وبالنائب المواظب على اصطحاب المسدس إلى البرلمان لمواجهة الآراء المخالفة له أكثر من اصطحابه للقوانين المكتوبة.. وكان النائب “بشر” اتهم البرلمان بالخيانة العظمى؛ بسبب ما سماه سكوت المجلس على “مذبحة السبعين” التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى من الجنود الشهر الماضي. ولأن رئيس مجلس النواب شعر بالإهانة الشخصية لمّح لبشر باتهام من خلال المؤتمر الذي حضره في بيروت، معلناً رفع الجلسة والانسحاب، ثم أقنع بالعدول عن قراره، وسحب بشر كلامه لوحده وعاد الرئيس، ونتج عما قاله عبده بشر مشادات تسببت في محاولة إشهار مسدس، ولهذا السبب أيضاً قرر المجلس إبعاد المسلحين المرافقين للأعضاء من أمام البوابة الرئيسة للمجلس، كما شهدت الجلسة دفاع كل طرف عن القضايا التي تهمه وليست التي تهم المواطن. وهكذا قدم أعضاء مجلس النواب نموذجاً حقيقياً في الدور المناط بهم من الاهتمام بقضايا الشعب، متجاوزين أنفسهم ومترفعين عن أغراضهم الشخصية، كما كانوا قدوة في احترام القانون، والقبول بالآخر والرأي المخالف. ويفكر النائب الصعدي بالشعور بالخجل لما فعله، خاصة وأنه سيتعرض لانتقادات شديدة من أعضاء دائرته الذين منحوه أصواتهم ليمثلهم في برلمان مهمته التشريع وإصدار القوانين التي تضمن العدالة والمساواة وإشاعة مظاهر السلام. وكان الله في عون هذا الشعب!  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي