انتصروا لطفلة عصر.. !

كتب
الخميس ، ٠٧ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٥٥ مساءً
  سهام عمر خرجت (أمل) - هذا اسمها الذي سميتها به - ذات صباح ، لشراء الخبز لأسرتها، ولكنها لم تعد ! انتظرت الأسرة ، وانتظرت . لكن أمل لم تعد! وتيرة القلق كانت في تزايد . (لابد أن مكروها قد أصابها ! هذا مؤكد!) كانت الأم تردد تلك العبارة في كل ثانية تمر ولا تحمل معها صوت أمل ولا خطواتها ! كانت ترددها وقلبها يغوص بين ضلوعها ! تئن ، وتخرج الكلمات من بين شفتيها ، وكأنها ترفض الخروج ! يتحول الأنين ، تدريجيا ، إلى صرخات مترجية ، وترتفع شدته شيئا فشيئا . ويصاحب ذلك ، لطم لخدودها الذابلة ، بطبيعة الحال بسبب سوء التغذية المزمن الذي يعاني منه أفراد هذه الأسرة البائسة ، ككثير من أسر وطننا المنكوب بالفقر المزمن ! (هاتوا لي أمل .. هاتوا لي بنتي ! ) تصرخ في كل من حولها . لكن لا و لم يُنفذ طلبها !! ليس لشيء ، ولكن لأن أحدا ، لا يستطيع تلبية طلبها ! في هذه الأثناء ، كانت أمل ـ ابنتها _ قد أصبحت في أيدي مدنسة .. في أيدي وحوش بشرية ! لقد خططوا لجريمتهم جيدا . هم يعلمون أنها تخرج في هذا الوقت من الصباح ، لذلك لم يناموا ! بينما كانت هي تغط في نوم عميق ، حال كل الأطفال . بل لعلها كانت تحلم بصديقاتها في المدرسة . لم تراودها الكوابيس . ولم قد تراود الكوابيس طفلة في الثالثة عشرة ؟! عندما استيقظت ، مستبشرة بصبح جديد ، لم تكن تعلم أنها على موعد مع أشد الكوابيس وأعنفها في هذا العالم : الاغتصاب ! واغتصاب من ؟! : طفلة في الثالثة عشرة من عمرها ! ومن قبل من ؟! : سبعة ممن ينسبون ظلما وعدوانا إلى البشر! لم تكن تعلم أنها على موعد مع الشيطان وأهله وجنده ! لم تتخيل ، ولم تدرك يوما أنه يوجد وحوش بشرية تشاركنا الحياة على هذا الكوكب ! لم تعرف سوى أناسا طيبين ، أو على الأقل هكذا هم من وجهة نظرها البريئة ، والتي لا تعرف الشر الذي يمارسه غيرها ، ناهيك عن معرفته !! امل ، أيتها الطفلة البريئة .. الجميلة ، كم ارتعبتِ ؟! كم فزعتِ ، عندما التقيتيهم ، وأدركت الشر في عيونهم ؟! أمل ، سامحينا لأننا لم نستطع أن نفعل لك شيئا ! كنت تتعذبين لأقصى درجات العذاب ، ولم يكن أحد يسمع صرخاتك .. سوى المتسببين بها ، ولم تهتز لهم شعرة ! بل ربما أن صراخك كان يشجعهم لضربك ، لتصرخي أكثر ، وأكثر !! لم يكن هناك من ينقذك من براثنهم ! كنت وجها لوجه مع الشر المجسد ! أنت بكل ضعفك ، وهو بكل بطشه ! والدنيا والحياة والبشر ، كلها لاهية عنك ّ! هل أدركت ، يوما ، أن في الدنيا ، هذا الحجم من الظلم ؟! .. هذا الحد من الإجرام ؟!.. هذا الحد من الغفلة عن الله ، الجبار المنتقم ؟! طبعا لا ! كيف يدرك عقلك ذلك ؟! معروف أن الغزال يموت من الصدمة العصبية عندما يطارده نمر أو أسد . كذلك قد يموت من يهوي من عال قبل أن يصل إلى الأرض ! أيمكن أن يكون هذا سبب وفاتك ، برغم الضرر الجسدي الشديد..الرهيب ، الذي تعرض له جسدك الصغير والضعيف ؟! أمل ، طفلتي وحبيبتي ، كيف نعتذر إليك ؟! لا يوجد ما يمكن أن يعوض عليك ! فكيف تعوض الحياة ؟! كيف تعوض الطفولة ؟! .. كيف تعوض البراءة ؟! ليس هناك ما يعوض في دنيانا !.. ليس هناك ما يعوض ! ولكنا قد نجد عزاء، في أنك بين يدي الرحمن الرحيم، وهو من سيعوض عليك كل ما فقدتيه ، ويبدلك خيرا منه!! ولكن ماذا عن الظلم الذي تعرضنا له نحن ، من عرفنا قصتك ، ومازلنا في هذه الدنيا، لم تحن آجالنا بعد ؟! ما سيعوض علينا الأمن الذي تسرب من نفوسنا ، عندما علمنا بمأساتك ؟! ما الذي سيعوض علينا الألم الذي يعتصرنا كلما تخيلنا ما حدث لك ، يحدث لبناتنا ! نحن الآن من يطالب بالتعويض ! . وتعويضنا لن يكون بأقل من الأخذ على يد الظالم ، والانتصار للمظلوم . عندها قد يعود لنفوسنا الأمن الذي هرب منها ! ولولا ذلك لن تعود حياتنا لطبيعتها أبدا .. أبدا ! لذلك سننتصر لك ، لننتصر لله ولأنفسنا ! أو فلنبشر ببلاء وغضب من الله ، إن لم نفعل !!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي