خروج الرئيس هادي من صنعاء .. النصر المبين

أنور الصوفي
الثلاثاء ، ٢٠ يونيو ٢٠١٧ الساعة ٠٩:٥٤ مساءً

 

هكذا هم القادة تتغير مواقعهم حسب مصلحة أوطانهم وأديانهم ، فهكذا تنقل الأنبياء من مواقعهم وأوطانهم بحثاً عن التمكين لأديانهم ، فهذا نبي الله موسى خرج بقومه وغادر وطنه خوفاً على دينه وقومه من بطش فرعون وجنوده ، وعندما يغزو أصحاب الفيل مكة ويحاولون هدم الكعبة يغادرها عبدالمطلب فهو رب إبله وللكعبة رب يحميها ، وعندما يحس محمد صلى الله عليه وسلم بظلم قريش وجبروتها يأمر أصحابه بالهجرة ، وعندما تزداد المؤامرات ضده يخرج من وطنه مكة وهي أحب بقاع الأرض إلى قلبه وييمم وجهه تلقاء يثرب ويجعلها عاصمة له ، ويغير الاسم فغدت طيبة بعد اسمها القديم يثرب ومن طيبة يبني محمد صلى الله عليه وسلم جيش الإسلام ، ومن طيبة يبني دولة الإسلام ، فغدت المدينة عاصمة المسلمين .

 

وتأسياً برسوله يخرج هادي من صنعاء ويغادر صوب عدن لا فراراً بنفسه ولكن ليبني دولته الجديدة ، وليجنب البلاد الدمار ولتنجو صنعاء من عبث العابثين ، لقد كان بإمكان هادي أن يبقى في صنعاء ومنها يجيش الجيوش وكان بإمكانه جعلها مركزاً للصراع ، ولكنه أبى الدمار لصنعاء ، فخرج منها لتسلم بنيتها التحتية وليسلم أهلها ، فخرج بعد أن أخذ بغيته منها ، وأخذ معه أوراق ثبوتيتها كعاصمة لليمن الموحد ، واعتمد عدن عاصمة لليمن الاتحادي ، فالزمن غير ذاك الزمن ، ولكل يوم دولة ورجال .

 

وعندما تكالب الهمج على مركز السنة في صعدة طلب هادي من عمار المركز تركه حقناً للدماء بعدما علم بما يبيته القوم ، فأخرج من كان في المركز ، فهادي رجل سلام ، ولا يريد إلا السلام ، وبالفعل سلم هادي المركز وأهله من ويلات الحوثي الذي كان يتربص بالقوم ريب المنون .

 

هادي يصمت كثيراً ولكن في صمته خطط المستقبل ، فصمته خطة عمل فقد خطط ورسم عنوان اليمن الجديد ، فاليمن مع هادي يمن اتحادي ، ومن لم يعجبه ذلك فليشرب من ماء البحر ، فلقد حدد حدود الجنوب ورسم حدود الشمال ، فالجنوب من أقليمين ، والشمال أربعة أقاليم ، وإذا رُفض هذا الخيار فدولة اتحادية من أقليمين جنوبي خالص وشمالي صافي ، فالجنوبيون هم المعنيون بجنوبهم والشماليون هم الذين يهتمون بشؤونهم ، والدولة اتحادية ، وكل أقليم يأكل مما آتاه الله ، والكل يعمل ويبني أقليمه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، فالجنوب تحرر وهادي رتب أمور المناطق المحررة ، وحين ستتحرر المناطف الشمالية ستعود الحياة وسيرتب القائد شؤون الأقاليم هناك .

 

الخروج من صنعاء هو النصر المبين لكل الأحرار ، فعندما غادر هادي ضاعت على الإنقلابيين خططهم وأصبحوا في حيص بيص ، فتارة يشكلون اللجان الثورية وأخرى يقننون لمجلسهم السياسي .

لقد جاء أهل الكهف بحزمة قرارات ليعتمدها هادي وبها تدين البلاد لهم شرقها وغربها شمالها وجنوبها ، فرفض هادي سذاجتهم تلك ، فحاصروه في بيته فأبى التفريط في الوطن ورفض تسليمه للقادمين من قاع التاريخ ليحكموا اليمن ، فخرج هادي من صنعاء حاملاً دولته وتركهم يتجولون في الستين يحرسونه من الخروج ، فخرج وهم يمضغون خيبتهم ويحتسون غفلتهم ، خرج هادي من صنعاء وترك المغفلين يحرسون الغفلة ، ووصل إلى عدن ومنها شرع في بناء الدولة فلله درك من قائد ، ولله درك من رئيس ...

الحجر الصحفي في زمن الحوثي