صالح والتنازلات الأخيرة

محمد القادري
الجمعة ، ٠٥ مايو ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٢٣ مساءً
التنازلات الأخيرة التي قدمها الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، والتي تضمنت شيئاً جديداً وهو استعداده التخلي عن رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام مقابل الجلوس للتفاوض وانهاء الحرب ، وهو ما يعني التنازل عن اي مستقبل سياسي ، ، ومن الملاحظ ان هذه التنازلات التي قدمها صالح مؤخراً جاءت بعد قيام الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي بإصدار قرارات جمهورية تضمنت تعيين محافظ جديد لمحافظة عدن خلفاً للمحافظ السابق عيدروس الزبيدي ، وهذا ما يعني ان تلك التنازلات لها علاقة بتلك التغييرات ، وان قرارات الرئيس هادي كان لها أثر على صنعاء أكثر من أثرها في عدن .
 
 
ورقتان مهمتان استخدمها صالح في الجنوب أثناء انقلابه وحربه على دولة الشرعية اليمنية  ، ومنها استمد قوته في صنعاء وثقته واطمأنانه .
فالورقة الأولى : هي ورقة الأنفصال والمتمثلة بالدعوات المطالبه بعودة دولة الجنوب والمحتوية لبعض المكونات ذات الاعتقاد السياسي والمصالح الذاتية والتوجهات المناطقية والعنصرية والافكار المنحرفة .
 
 
والورقة الثانية : هي ورقة الإرهاب المتمثلة بالجماعات المتطرفة الارهابية كتنظيم القاعدة وداعش ، ذو الاعتقاد المنحرف المطالب بإقامة ولايات في الجنوب وتشكيل جيش عدن أبين .
 
 
وكلاهما ورقتان اتحدت في الهدف وهو محاربة الدولة الشرعية واضعافها وجعلها العدو الأساسي الذي يجب استهدافه بشكل مباشر ومحاربته بإفتراض أولوي .
 
من ينظر إلى واقع المعركة بين الشرعية والانقلاب باعتبارها معركة واحدة في اليمن ككل ، سيجد ان الانقلاب اقوى من الشرعية ، وذلك بسبب امتلاك الانقلاب اطراف مكنته من تحقيق عملية التوازن شمالاً وجنوباً ، ففي الجنوب يمتلك الانقلاب طرفان هما مكونات الانفصال ومكون الإرهاب ، وفي الشمال يمتلك الانقلاب طرفان هما صالح وجناح حزبه ، وجماعة الحوثي ، وهناك تشابه بالتوجه السياسي بين صالح في صنعاء ومكونات الانفصال في عدن ، بينما هناك تشابه في التوجه العقائدي بين جماعة الحوثي بالشمال وتنظيم داعش والقاعدة في الجنوب ، وجميعهم يتحدون في محاربة الدولة الشرعية وينقسمون إلى طرفين ، طرف يحارب الشرعية داخلياً من المناطق المحررة في الجنوب ، وطرف يحارب الشرعية من خارجها في المناطق التي لم تتحرر في الشمال ، والطرفان الذان في الشمال يستمدان القوة من الطرفين الذين في الجنوب ، وفي حالة انتهاء طرفي الجنوب فإن طرفي الشمال غير قادرا على الصمود والمواجهة أكثر ، وسيكونا ضعفاء سياسياً وعسكرياً وسيفضلان الصلح على الحرب وسيقدمان كل التنازلات .
 
 
 
 بعد اصدار فخامة الرئيس هادي للقرارات المتضمنة تعيين قيادة جديدة لمحافظة عدن ، وجد صالح ان الدولة الشرعية قد بدأت تتجه بالمسار الحقيقي الذي يمكنها من فرض سيطرتها على الارض ويبني قواعد الأساس القوي ، وان تلك القوى التي ازاحتها الشرعية من امامها بعد طول معاناة وصبر لتتخطى المصاعب والعقبات التي كانت تعرقلها منذ تحرير عدن ، لن تعد تلك القوى تمتلك القوة وهي خارج السلطة اكثر من قوتها وهي في داخل السلطة ، وان تلك المظاهرات والمسيرات والفوضى والبيانات إنما هي فقاعات إعلامية اكثر مما هي على الارض ، ولن تكون تلك القوى بهذا الشكل حالياً اقوى مما كانت عليه سابقاً كأيام ملتقى التصالح والتسامح ومسيراته الانفصالية ، وهنا وجب على صالح ان ينظر إلى المصالحة خير من المواجهة ، فعندما تكون الدولة الشرعية قوية داخل عدن ، ستكون قوية في التقدم لتحرير صنعاء ، وعندما تكون الشرعية قوية في الجنوب ستكون قوية في الشمال ،  ولن تقم دولة شرعية في الشمال إذا لم تقم في الجنوب .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي