الحديدة ومخططات إيران

محمد القادري
الأحد ، ١٦ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٥:٠١ مساءً
عند  انطلاق عاصفة الحزم التي تتبناها دول التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية الشقيقة ، أعدت إيران مخططاً جديداً يضمن بقاءها في اليمن في ظل تقدم الشرعية اليمنية وجيشها وانطلاق المقاومة الشعبية داخل اليمن ، ويقتضي ذلك المخطط الإيراني الاتجاه نحو الحديدة واقليم تهامة كمنطقة تظل تحت سيطرة الجماعة الحوثية وعدم التفريط بها او خسارتها في اي حال من الاحوال  ، وإعداد كل الترتيبات اللازمة في الجانب العسكري والاقتصادي والسياسي الدولي  لذلك ، فعلى مستوى الاقاليم اقتضت الخطة الإيرانية النظرة إلى الاقاليم الثلاثة الجند وآزال وتهامة  التي لازالت تحت سيطرة الانقلاب وفضّلت  التركيز على اقاليم تهامة وعدم خسارته ولا يهمها خسارة البقية ، وعلى مستوى المحافظات اليمنية التي لازالت تحت سيطرة الحوثي فضّلت خسارة تعز وإب وصعدة وذمار وصنعاء وعدم خسارة الحديدة .
 
 
 مخطط إيران في الجانب العسكري يتضمن جعل الحديدة آخر محطات المواجهات ونقطة  ينتهي إليها الانسحاب ، فالمواجهات في صنعاء وصعدة وتعز يتم التعامل معها بشكل غير جدي حتى لا يتم استنزاف عناصر جماعة الحوثي المقاتلة ، وفي حالة تحرير صنعاء العاصمة وصعدة معقل رأس الحوثي فإن التمركز سيكون في الحديدة وفيها ستواجه الحوثية مواجهاتها الشرسة وتستخدم كل مالديها من قوة للمواجهة على الارض ، بالاضافة الى استخدام الموقف الدولي كروسيا وغيرها بالتدخل القوي لعدم تحرير الحديدة ، وهذا المخطط الايراني العسكري في اليمن تختلف به مع المخطط العسكري الخاص بصالح شريكهم في الانقلاب والذي يقتضي الدفاع عن صنعاء وعدم خسارتها كونها العاصمة واستخدام كل مالديه من قوات عسكرية لتعزيز معركة الدفاع عن مدينة صنعاء ، وفي الجانب الآخر فإن قيام التحالف العربي بجعل اولوية التحرير لمحافظة الحديدة اربك مخطط إيران العسكري ولخبط مراحل ادارة المعركة ومراكزها المرتبة على الارض .
 
 
 
 في حالة الحل السياسي في اليمن فأن مخطط إيران يقتضي ان يكون اقليم تهامة تحت ادارة وسيطرة جماعة الحوثي من خلال تقاسم يكفل تخلي الحوثية عن اقليم آزال واستبداله باقليم تهامة ، وترك صعدة واستبدالها بالحديدة ، وعبر هذا ستكون جماعة راضية بتسليم كل المحافظات التي تحت سيطرتها بما فيها العاصمة صنعاء والانسحاب إلى الحديدة بشروط تضمن بقاءها تحت السيطرة التامة للحوثية  وعدم تسليم اي اسلحة .
 
 مخطط إيران يتضمن بقاء المشروع الايراني داخل اليمن في اقليم تهامة ، كون هذه المنطقة تمتلك مقومات بناء دولة كاملة لما تمتلكه من مساحة ارض وسكان وسواحل ومنافذ بحرية وخصوبة ارض صالحة للانتاج الزراعي ، بالاضافة ان منطقة اقليم تهامة تحتل موقعاً يمتلك تهديد جنوب اليمن لقربه منه وتهديد المملكة السعودية ايضاً كونه يلتقي مع حدودها في جيزان عبر محافظة حجة التي تتبع الاقليم ، وهنا ستتمكن إيران في بناء مشروعها الحقيقي القوي في اليمن عبر اقليم تهامة الذي ستكون مساحته ملائمة لتصنيع الاسلحة واستقبال الدعم الايراني عبر البحر ، واحتضان كل جماعة الحوثي وقياداتها التي ستترك كهوفها في صعدة وتجعل الحديدة مركزاً رئيسياً لها .
 
 
 
جماعة الحوثي اتخذت خطوات خاصة تجاه الحديدة بما يخدم المخطط الإيراني ، ومن اهم تلك الخطوات هي استخدام سياسة التجويع في الحديدة ومنعت كل المساعدات حتى ظهرت المجاعة في منطقة التحيتا وغيرها ، واستخدام سياسة التجويع الهدف منه تحقيق حالة التركيع وضمان بقاء مواطن في الحديدة لا يفكر بأن يقاوم جماعة الحوثي ، فالجائع لا يستطيع ان يقاوم ولا يفكر إلا في بطنه فقط ، بينما قامت جماعة الحوثي باستخدام الحديدة كبديل لصعدة في الجانب الجماهيري والاحتفال بالمناسبات الدينية الخاصة بالجماعة ، بالاضافة إلى استخدام طريقة شبه كاملة للاستيلاء على المساجد وفرض خطباء وأأئمة تابعة للجماعة وارتفاع نسبة النشاط الثقافي والفكري بشكل كبير أكثر من اي محافظة يمنية اخرى ، بينما قامت الحوثية ايضاً باقتراف اشد الجرائم والانتهاكات والاختطافات والقتل في الحديدة .
 
 
الحوثية كانت تمهد وتهيأ الحديدة لتكون موقعها المناسب داخل اليمن ، ولكن تحرير الحديدة قبل صنعاء وصعدة سيعرقل مخطط إيران الذي يقتضي الاحتفاظ بالحديدة والتوجه والتمركز فيها بعد الهزيمة والانسحاب  وخسارة صنعاء وصعدة .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي