لقاء محمد بن سلمان وتأثيره على المشائخ الموالين للحوثي

محمد القادري
الاثنين ، ١٠ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٣٤ مساءً
ذلك اللقاء الذي جمع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي مع نخبة  مشائخ اليمن الواقفين مع الشرعية في الرياض عاصمة المملكة السعودية الشقيقة ، كان له آثآر إيجابية ونتائج طيبة ليس على اولئك المشائخ الذين تم الاجتماع بهم والواقفين مع الشرعية والتحالف ، ولكنه على اولئك المشائخ الذين في داخل اليمن والموالين للحوثي وصالح والواقفين مع الانقلاب ، إذ جعلهم ذلك يتفاجئون بالاحترام والتقدير والحفاوة التي تعامل بها نجل الملك سلمان مع مشائخ الشرعية ، ويقارنونها مع  تلك المعاملة السيئة التي تتعامل بها معهم جماعة الحوثي ، مما جعلهم يحسون بالاهانة ويؤنبون ضمائرهم ويتناقلون فيما بينهم اخبار ذلك الاجتماع الذي اصبح له الصدى الواسع داخل المجتمع اليمني والتأثير الكبير على الشخصيات الاجتماعية .
 
 
 
بعد عقد ذلك اللقاء تواصلت مع احد المشائخ الموالين للحوثي وهو شخصية لها ثقل كبير وتحظى باحترام واسع ، فقلت له مازحاً : شوف يا شيخ لوكنت وقفت مع الشرعية ولم تقف مع الانقلاب انك كنت من ضمن الذين اجتمع بهم الأمير بن سلمان في الرياض ! 
 
 
 
فرد عليّ بقوله : هل تصدق ان لي فترة شهرين اجري واتابع اريد ان التقي بأحد المشرفين الحوثيين من اجل ان اطلب منه ان نرد قطعة ارض اغتصبتها جماعته على جارتي المسكينة ، وكلما اذهب لمكتب ذلك المشرف الذي لم يبلغ سن الرشد اريد اقابله يقولون لي مشغول ، وكلما اتصل على هاتفه يرفض المكالمة او يرد عليّ نادراً بكلام المتكبرين ويعطيني وعود باللقاء وانصاف تلك المرأة ولم يفي بأي وعد منذ شهرين .
ثم قال ذلك الشيخ : مشائخ الشرعية وقفوا مع الحق فأعزهم الله بالحق وسخر الله لهم ملوك العرب  فاستقبلهم الامير محمد بن سلمان  بإحترام وتقدير ومنحهم كل الرعاية والاهتمام ، ونحن المشائخ الموالين للحوثي وقفنا مع الباطل فسلط الله علينا الحوثي يحتقرنا ويتمسخر بنا ولا يمنحنا أي قيمة .
 
 
 
وهناك شيخ آخر موالي لصالح وتجمعه به علاقة كبيرة ، فقد ذكرني بما فعلت ومارست في حقه جماعة الحوثي من انتهاكات وجرائم ، فعندما وصلت جماعة الحوثي لتلك المحافظة التي يقيم فيها الشيخ ، اتصل به صالح وأمره بأن يستقبل جماعة الحوثي ويقف معها بكل قدراته ، فذهب ذلك للاستقبال وفعل كلما طلب منه صالح .
وعندما اندلعت مواجهات بين المقاومة التي كانت في المنطقة القريبة وبين جماعة الحوثي التي تتمركز في منطقة الشيخ ، اتصل صالح بذلك الشيخ وطلب منه ان يقف مع الحوثية بكل رجاله واسلحته ،، وفعلاً لبى ذلك الشيخ مطالب صالح وضحى بأربعة اشخاص من رجال قبيلته سقطوا وهم يقاتلون في صفوف الحوثي ويواجهون المقاومة .
 
 
وبعد ان تم دحر المقاومة وبسطت الحوثية اقدامها على كل المناطق ، وجدوا ان ذلك الشيخ الذي وقف معهم يحظى بثقل اجتماعي فسعوا بكل الطرق لتهميشه ومحاربته والقضاء عليه ، وبمجرد ان وقع خلاف بسيط بينهم وبين احد افراد قبيلة الشيخ ، قامت ميليشيا الحوثي بالهجوم على منزل الشيخ ونهبه وتفجيره ، ودخلت لمجلسه الكبير الذي كان معلق عليه صور صالح ونجله ، فمزقت تلك الصور وداستها تحت اقدامها ، ولم تراعي وقوف ذلك الشيخ معهم واستقباله لهم والمشاركة في القتال بصفوفهم ضد المقاومة وسقوط العديد من اقاربه قتلى .
 
 
يقول ذلك الشيخ : عندما هجمت جماعة الحوثي على منزلي وفجرته اتصلت بالمحافظ الانقلابي القيادي المؤتمري وشكوت له بما تقوم به الحوثية ، ولكنه رد عليّ بقوله "هؤلاء ناس ماحد يقدر لهم" ،،، ثم اتصلت بعلي عبدالله صالح ولم يوصلوني التحويلة به ، فقلت لمدير التحويلة ينقل ماحدث لي صالح ولكن مدير التحويلة قال لي بأن الخبر قد وصل صالح والزعيم لن يقدر يفعل لك شئ ،، فما كان ذلك الشيخ إلا ان قال : الله لا ألحقك خير يا صالح الذي جبت لنا الحوثي ليهينك ويهين المشائخ ويهين المؤتمر ويهين اليمن بكلها ، ثم اغلقت سماعة الهاتف في وجه مدير تحويلة صالح .
 
 نوعان من المشائخ في اليمن 
 
 
النوع الأول : مشائخ يلتزمون بالعرف القبلي وطبائعه الايجابية المحمودة ، يتصفون بالاخلاق الحميدة والقيم النبيلة ، يقفون مع الحق ويحكمون بالعدل ، يناصرون الضعيف يهبون لخدمة المحتاج ، يقفون مع الدولة ويتعاونون معها ، ويلتزمون بالنظام والقانون .
والنوع الثاني : مشائخ متجبرة ظالمة فاسدة ، تنهب المواطن وتصادر حقوق المسكين ، يهمها الحصول على المال والجاه فقط ، دون ان يهمها التمسك باعراف القبيلة ومبادئ المجتمع وتقاليده ومكارم اخلاق رجاله .
 
ومن خلال قيام الانقلاب في اليمن سنجد ان جماعة الحوثي قامت بمحاربة وتهميش النوع الاول من المشائخ حتى وان كانوا موالين لها في الوقت الحالي ، والسبب ان الحوثية تعتبر اولئك المشائخ يشكلون خطر عليها ، فعاداتهم واعرافهم واخلاقهم ستجبرهم على عدم السكوت عن جماعة الحوثية وستجعلهم ينتفضون ضدها في أي وقت قادم .
 
 
فقامت جماعة الحوثي بتقليص صلاحيات هؤلاء المشائخ في المجتمع وهمشت دورهم ومكانتهم تماماً ، ودعمت شخصيات اخرى لفرض سيطرتها في الموقع المجتمعي الذي يحتله ذلك الشيخ ، ولعلي اتذكر احد المشائخ الذين كان لهم دور اجتماعي ايجابي متميز ويحبه كل ابناء منطقته ، وقد قام ذلك الشيخ بملاحقة قطاع الطرق في منطقته وتعاون بإيصالهم للدولة وايداعهم السجون ، وعندما جاءت جماعة الحوثي لمحافظة ذلك الشيخ ، قامت بالافراج عن كل السرق والمتقطعين والقتلة في السجن المركزي ، وجعلت احدهم مشرفاً على المنطقة التي كان يحكمها الشيخ ومنحته كل الصلاحيات وقدمت له كل انواع الدعم ، واصبح السارق والقاتل الذي اوصله الشيخ للدولة والسجن ، هو المشرف والحاكم والآمر والناهي على الشيخ ورعاياه حالياً .
 
 
 
 اما النوع الثاني من المشائخ ، فقد شجعتهم جماعة الحوثي ومنحتهم الصلاحيات ، وجعلتهم يستمرون في تصرفاتهم السيئة فازداد نهبهم اكثر وتوسعت دوائر ظلمهم وانتهاكاتهم وبطشهم ، ففي محافظة إب كانت هناك بعض المشائخ الظالمة كآل باشا ، وكنت اظن جماعة الحوثي ستقضي عليهم وتحاربهم ولو من باب تحسين صورتها امام المجتمع والتخلص من مشائخ لها تأريخها المشهود في الظلم والتجبر ، ولكن ماحدث هو ان جماعة الحوثي مع هؤلاء المشائخ لتزداد انتهاكاتهم بحق المواطن الضعيف ، ولقد وجدت قبل شهر احد المواطنين يشكوا نهب الشيخ محمد عبدالواحد باشا لامواله في مديرية مذيخرة في إب ، وكما هو معروف ان ذلك الشيخ هو حليف الجماعة الحوثية ومندوبها ومشرفها هناك ، بل هو شيخ المنطقة من قبل ولا يزال .
 
 
 
جماعة الحوثي التي تدعي ان احد اهدافها هو المحافظة على النسيج الاجتماعي ، قد اتضح ان ذلك الادعاء كالتقية ، فلقد قامت بالقضاء على النسيج الاجتماعي باليمن ، وهمشت دور المشائخ الذين يتصفون باحترام العرف القبلي والالتزام بطابع المجتمع الاصيل ، فسلبت صلاحياتهم واستحوذت على كل القضايا لتجعل مشرفيها هم من يفصل ويحكم فيها ، وجعلت الشيخ مجرد عبد وخادم وتابع للجماعة يحشد انصاره للقتال في الجبهات ، ويفرض على رعاياه دفع الاتاوات والدعم للجماعة الحوثية .
 
 
 
 الكلمة التأريخية التي القاها الامير محمد بن سلمان عند لقاءه بعدد من المشائخ في الرياض ، والتي تحدث فيها عن موقع اليمن كمنبع عربي اصيل لكل العرب ، جعلت اولئك المشائخ الموالين للحوثي يشعرون بعمق الاصالة العربية التي جسدها تعامل ملوك العرب مع مشائخ اليمن ، وجعلتهم يفرقون بين الملوك الاشقاء وبين ميليشيا إيران التي تعتبر الشيخ اليمني مجرد عبد وخادم .
 
 
بل ان ذلك اللقاء جعل المشائخ الموالين للحوثي يبحثون عن خطوط للتواصل مع الشرعية والتحالف ، ويترقبون فرصة تقدم قوات الشرعية للتحرير لينضموا إلى صفوفها ... وسترون ذلك في حينها .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي