مخلفات الحوثي التي تغفل عن ازالتها الشرعية والتحالف

محمد القادري
الثلاثاء ، ٢٨ مارس ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٥٧ مساءً
هي مخلفات سيئة جداً وقبيحة وخطيرة وسامة ، تركتها جماعة الحوثي في اغلب مناطق اليمن المحررة بعد صدها منها وستتركها في المناطق التي لا زالت تحت سيطرتها بعد تحريرها وصدها منها ، تلك المخلفات ليست الدمار وتدمير المنازل والعبث بمؤسسات الدولة ونهب المال العام والبنك والاتاوات والجبايات وماشابه ذلك ، فكلما سبق سهل ازالته فالمباني سيعاد اعمارها ومؤسسات الدولة سيتم استعادتها والاسر المتضررة والمنكوبة سيتم تعويضها ،، ولكن تلك المخلفات تتمثل في تلويث الفكر وغرس المفاهيم الخاطئة وتعميق الثقافة الدموية والنزعة الطائفية والعنصرية والعصبية المقيتة والكراهية والحقد وماشابه ذلك ، وكم تستغرب وتتعجب وتستاء في نفس الوقت عندما تجد ان الحكومة الشرعية لديها نظرة سطحية لواقع اليمن ككل ، فهي تركز على الجانب المادي والسياسي والعسكري  وتغفل عن الجانب الفكري الذي هو في الاساس سبب المعركة الدائرة وجوهرها ، وتجاهلت الحكومة مسؤوليتها في ازالة المخلفات الفكرية التي خلفتها جماعة الحوثي ولم تشعر انه يجب عليها اعداد برنامج متكامل وشامل وقوي ومستمر يفترض ان يتم البدء بتنفيذه بالتزامن مع تنفيذ برنامج الحكومة الاقتصادي والسياسي  وخطة التحرير العسكري على الارض ، ومثلما اليمن بحاجة لمشروع اعادة الاعمار لمعالجة ماخلفته الحرب من دمار وخراب  هي ايضاً بحاجة لمشروع اعادة الافكار لمعالجة ماخلفته جماعة الحوثي من مخلفات وخراب ودمار للعقول والافكار والمفاهيم ، ومعركة استعادة الدولة ومؤسساتها هي ايضاً معركة استعادة فكر الوسطية والاعتدال والمحبة والتسامح وازالة فكر العنف والارهاب والتطرف في عقول الشعب اليمني .
 
 
 
 بعد قيامها بالإنقلاب على مؤسسات الدولة وجدت جماعة الحوثي فرصة ثمينة استغلتها في تعميق وترسيخ مشروعها الفكري الطائفي القادم من إيران وأعطت الاهتمام به الاولوية على الجانب العسكري والاداري ، لأنه يعتبر مشروع الجماعة التنظيمي الذي يتم التأطير فيه بدرجة الاعتماد على غرس الفكر ، فقامت جماعة الحوثي باستقطاب الاعداد الكبيرة من الشباب ليتلقون دوراتها الدينية بالاضافة إلى التركيز على المؤسسات التعليمية والعلمية والاعلامية والثقافية ورسم برنامج يحمل في ظاهره الوطنية والدفاع عن البلد وباطنه فكر الجماعة واهدافها وغرس ذلك في المفاهيم بصورة غير مباشرة تظهر في آخر المطاف بترديد الصرخة والدفاع عن إيران والتحدث عن صحابي واحد واهمال بقية الصحابة والاقتناع بان عمر بن الخطاب اخطأ عندما سلم الخلافة لعثمان وكان يجب تسليمها لعلي الذي هو الاقرب للرسول عليه الصلاة والسلام و.... و..... وغير ذلك من الكلام الذي قد تتفاجأ عندما تسمعه من الكثير من الناس الذين قد اصبح اقتناعهم بالحوثي هو اقتناع فكري ولم يعد مجرد تعاطف بأي دعوى أخرى .
 
 
بالفعل لقد استطاعت جماعة الحوثي ان تحقق نجاح وتقدم كبير في الجانب الفكري في اليمن ، واستطاعت ان تخترق جميع المكونات الاجتماعية والحزبية واستقطبت العديد من الشخصيات القيادية والاكاديمية واستخدمت معهم غسيل العقول وصبت بعدها افكارها العقائدية ، حتى اصبح كل الشباب الذين تستقطبهم وتدفع بهم للقتال في الجبهات لديهم قناعة تامة انهم يقاتلون مع الله ويجاهدون في سبيل الله !!!
 
 
 
 جماعة الحوثي اعددت برنامج فكري يتم تنفيذه بالتزامن مع تنفيذ  برنامجها العسكري او يسبقه في بعض الاحيان ، فعند سيطرتها على اي منطقة في اليمن تقوم مباشرة بغرس سمومها الفكرية وتعقد دوراتها الدينية واللقاءت الخاصة والسرية لتغذية العناصر المستهدفة داخل الغرف المغلقة ، بل انها قد شرعت بذلك قبل تقدمها العسكري في اغلب المناطق واستقطبت عناصر كثيرة من ابناء الجنوب وبعثتهم لتلقي الدورات الفكرية في إيران ، فمشروع الجماعة الحوثية هو مشروع فكري يضمن بقاء الجماعة بعد انتهاء انقلابها وهزيمتها عسكرياً .
 
 
 الحكومة الشرعية ذات النظرة السطحية لم تركز على المخلفات التي تركتها جماعة الحوثي في المناطق المحررة ، فثقافة الكراهية والانتقام وشق الصف ونشاط الجماعات الارهابية والاختلافات على التولي للمساجد والعراك داخلها ، هو ناتج عن آثار مشروع فكري غرسته جماعة الحوثي في عدن وغيرها  ، ولم تعلم الحكومة الشرعية ان الواجب عليها منذ تحرير عدن  وعودتها للشرعية هو ان تقوم بتنفيذ برنامج لتحرير العقول من ذلك الفكر ، فلم تستخدم الحكومة سياسة مناسبة تتعامل بها مع الجميع وتخاطب بها العقول ، ولم تقم بإعداد خطة متكاملة تشمل الجانب الاعلامي والتوعوي والثقافي والارشادي وتنفيذ حملات مكثفة ومستمرة ودائمة تتضمن انشطة مختلفة وملتقيات عامة لجميع الطبقات الاجتماعية .
 
 
 
 عندما تجد في المناطق المحررة التي تسيطر عليها الشرعية ان الاعلام غير موحد وغير قوي ، وان المساجد اصبحت ساحة صراع بين عدة تيارات ، وان الشارع العام مختلف مع ذاته ولم يتوحد صفه لمواجهة اي عمل يستهدف الجميع ، فاعلم ان هناك قيادة غير مهتمة بالجانب الفكري ولم تستخدم رسائلها المطلوبة لنشر الوعي المجتمعي ، فقيادتها الاعلامية ضعيفة وقيادتها الثقافية غائبة وقيادتها الارشادية خارج نطاق التغطية .
 
 
 
 المخلفات الخطيرة التي ستتركها جماعة الحوثي في اليمن ككل هي مخلفات  تتضمن الكراهية والحقد الداخلي على بعضنا البعض ، وعلى وحدتنا وعلى قوميتنا العربية واشقاءنا ودول الجوار وعلى مقدساتنا وهوينا الاسلامية والوطنية ، مخلفات تهوى الموت وتعشق اراقة الدماء وتسعى لاثارة الفوضى ،  وتلك المخلفات لن يتم ازالتها باستخدام الاسلحة و الطيران والتحرير العسكري على الارض .... فالفكر لن يواجه إلا بفكر ، فهل تعي دول التحالف العربي والحكومة الشرعية هذا الامر وتبادر بصورة سريعة لازالة المخلفات الفكرية لجماعة الحوثي وتبدأ من الان في المناطق المحررة عبر استخدام الوسائل المناسبة والموجهة والمركزة لذلك ... اتمنى ذلك واعتقد ان تلك القيادات تعي هذا الامر جيداً .
لدي افكار كثيرة جداً في هذا الجانب ومقترحات عديدة ساتناولها في مقال قادم .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي