الأمن اليمني الخليجي في ضوء لعبة الجهود الأممية

د. عبدالحي علي قاسم
السبت ، ٠٣ ديسمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٨:٢٨ مساءً

توالت المساعي الأممية في اليمن على مدى سنوات لإيجاد مخرج للصراع القائم، والذي جاء على إثر الثورة اليمنية في فبرير 2011، التي عصفت بنظام فاسد أمتد لعقود، حكم البلاد بتدابير وآليات انتهازية، فكان أن أشعلت تلك الممارسات ثورة كادت أن تضع نهاية حقيقية لشأفة الرئيس السابق، ومراكز نفوذه. بيد أن تدخلا إقليميا حال والسقوط المدوي لصالح، بمبادرة كلفت خروجا آمنا،، وحصانة ألزمت بموجبها القوى الثورية والشرعية التي انبثقت منها بعدم التعرض لصالح بأذى، وقطع الطريق عن أن تقع أمواله التي راكمها تحت طائلة الملاحقة والتجميد.

 

    هذه الخيارات عبدت الطريق لرأس النظام السابق، أن يستعيد عافيته السياسية، وترتيب هامش مناوراته التنظيمية، بالمال حينا، وبالحضور الحكومي القوي حينا آخر. وبتراجيدية هادئة تناغمت وانسجمت مع مزايدات الضغط الحوثي، ومده القوي، والمدعوم إيرانيا، نفذت يد صالح المدعومة من بعض دول الخليج الكارهة لمسيرة الثورة في سيناريو إنقلابي، ترافق وتزامن بانسيابية تخديرية مع جهود المبعوث الاممي جمال بنعمر.

 

انتهى ذلك السيناريو بانقلاب فاضح، تستطيع أن تقول بثقة أن الجهود الأممية والإقليمية ساهمت بقصد، أو بغير قصد في أن تؤول الأوضاع السياسية في اليمن إلى تلك المآلات الكارثية، لتنتهي معها تقريبا جهود المبعوث الأممي الأول جمال بن عمر. فقد هذا الأخير مصداقيته بعد أن أمست اليمن كلها في طائلة المليشيات المباركة،  وأضحى الأمن الخليجي تحت طائلة الصواريخ الإيرانية، ليبدأ الدور الأممي عهد جديد تصدره المبعوث ولد الشيخ أحمد، تزامن مع فصل آخر  من فصول الصراع في اليمن، ليأخذ الصراع دائرة أوسع ويشمل أطرافا أكثر تنوعا وقوة، طرف الشرعية اليمنية مسنودة بعاصمة الحزم السليمانية، التي بدأت معركة التحرير من الصفر بعد أن أدركت السعودية ومعها بعض دول الخليج هول الخطر والتآمر؛ والأطراف الدولية التي تباركة، وتذهب عيون أطماعها الشريرة إلى ما هو أبعد من اليمن بكثير.

 

وإذا كانت مهمة المبعوث الأول تقتصرعلى تمكين أو ترجيح تحالف الانقلابيين من الإستيلاء على مقاليد السلطة، فإن مهمة ولد الشيخ هي إيجاد مخرج لبقاء معادلة الانقلاب حاضرة لديمومة صراع يكفل استنزافا يودي بأمن المنطقة إلى الهاوية.

 

    فلا يكاد يمر شهر لا نسمع فيه عن تحرك أو خارطة بمبادرة فردية أو جماعية في سياق دعم المجهود الأممي لإيجاد مقاربة تعيد الكرة إلى ملعب الانقلاب، الذي يتهاوى عسكريا وأخلاقيا بصورة تفزع الأطراف المساندة له، وتتخذ منه مسمارا لاستهداف نعش المنطقة.

 

   حذاري أن يلدغ الخليج من ذات الجحر الأممي، يكفي اليمن ضحية لتلك المهزلة الأممية،لسنا بحاجة أن نضع أمننا من جديد في سلة لعبة الآخرين. نحن من يجب أن نحسم خياراتنا الإستراتيجية، ونعمل بحسم لجعلها واقعا لا أن نجعل الآخرين هم من يعرف أمننا، مالم فلننتظر الأسوء وتحديدا إذا لم نجل من اليمن عمقا إسترتيجيا واحدا للخليج غير قابل للتفكك، أو المساومة والتقاسم مع الآخرين.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي