ماذا بعد السعودية؟ الخطر الموعود!!

د. عبدالحي علي قاسم
السبت ، ١٩ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ١١:١٩ مساءً

 

   دارت المنطقة في الفلك الأمريكي رهبة ورغبة؛ فازت ومعها شركائها الاوروبيين بالنفط، ومزايا الأسواق المغرية أستهلاكيا. مارست الهيمنة بدون منازع، أو تحفظ، أو ممانعة، باستثناء بعض المزايدات  الإيرانية فارغة المحتوى، استأثرت إسرائيل بحظوة رعاية غربية طالت بغطرستها وهمجيتها كل دول الطوق، وفلسطين كانت الضحية الأكبر، حتى غدى القربى من العم سام التنكيل بكل ممانع، ورعاية أمن إسرائيل بمبالغة فاقت رعاية الإيباك ذاته.

 

   تعودت، وبدون تردد دول المنطقة أن لا تقول لأمريكا وحلفائها الأوربيين لا!! مع أي نوايا ترغب أن تذهب في تحقيقها، ولو نحرت الثور الأسود، واستباحت شأفة مقدساتنا الإستراتيجية بدون ثمن أو ضمانات.

   تابعة راضية مرضية ولو على مضض، وتوجس من نوايا الحليف الأمريكي، وحتى مع زيادة مخاطر  إيران، التي تألفها الشيطان  الأكبر بثمن الأمن العربي البخس. 

 

  عاثت القوى الغربية بالعراق خرابا، وتركت روسيا الدب، وحليفه القط (المدعو أسد بدون وجه حق) التفرد بقتل سوريا وتحويلها ساحة عبث، ومنطقة رخوة تعبث فيها أيادي الشر المخابراتية لاستهداف ما تبقى من آثار القوة والأستقرار لتركيا أولا، والسعودية ثانيا.   

  المثير للرعب والتوجس الأخطر،  أن إيران الثورة ومشروعها ليست خطرا لأمريكا إلا في سوق الإعلام، ومناظرات الساسة الانتخابية، وما دون ذلك فهي انسجام وتقاسم مشروع التفتيت والنفوذ بدون حدود.

 

   الولايات المتحدة وإيران بعد أن فرغت من تدمير مكسب الربيع الثوري العربي، لا زال نهم الأطماع يدفع بهما إلى مخططات هي الأكثر عبثية وخطرا في العمق العربي وتحديدا الخليجي. لا يكفي الأمريكان وبعض الأوروبيين كل الجزرات التي جادت بها اليد الخليجية، والوفاء بكل الالتزامات التي قطعتها الموقعة، وغيرها، وتفهم رغبات ومخاوف الآخر المهيمن، والمبتز حد القرف. والسير في ركاب هواه طوال عقود. وبعد كل هذا السخاء الأمني والسياسي والاقتصادي التي منحها العرب وتحديدا الخليجيين للأمريكان وحلفائهم لا يريدوا أن يتفهموا حجم المخاوف المحدقة بالأمن العربي، وتحديدا السعودي . وغير مسموح أن تعرف السعودية لأمنها ومصالحها بدون مباركة وهندسة أمريكية، حتى ولو كانت تمارس في وضح النهار خباثة النيل من أمن الخليج إسترتيجيا لصالح زيادة النفوذ الإيراني، وحلم إسرائيل الكبير في المنطقة، بتقسيم، وتدمير المنطقة ومقدراتها البشرية والاقتصادية   بدون تكلفة.

 

   لم تتضح بعد عمق الرؤية الأمريكية الصهيونية الخبيثة، ومراميها، وهول مخاطرها، وتداعيات هذا التوجه والمسار، المعادي فقط لخطوة المملكة في تعبئة التحالف المناوئ للخطر الإيراني المبارك أمريكيا، والذي يسهم بوتيرة كبيرة في سرعة هدم المنطقة، وتبديد مقدراتها.

المتابع للملف الصراعي في اليمن يدرك هوس الإدارة الأمريكية في رعاية المشروع الانقلابي للحوثي وحليفه صالح، وتشبثها المستميت في دعم معادلة أن يكون الحوثي حاضرا قويا في أي مكون سياسي قادم، وتجاوز منطق الشرعية والمرجعيات الأممية المساندة لقضيتها الوطنية، مع موال صرخات الموت والموز لأمريكا المستمرة، بما يجعل لعبة صراع الاستنزاف الأمريكية لأصدقائها الأعداء مكشوفة، وأجندتها واضحة.

 

   وعوض دعم استقرار اليمن بعودة الشرعية، والضغط على الطرف انقلابي لتحصين الأمن الخليجي وتأمين ظهره المكشوف، تؤمن، وتساند الطرف الانقلابي في الحفاظ على مواقعه، لجعل الفوضى واقعا مستمرا، وتهديدا ناسفا لبنية جدار الأمن الخليجي.

   مؤشرات الاستهداف والخطر، تلقتها المملكة وشركائها في الحلف، بتنكر المجند السيسي للحليف الخليجي السخي، الذي در لبنا لسلطة السيسي منذ أن دشن انقلابه الأسود على إرادة الشعب المصري، فالسيسي أقل وأذل أن يمتلك جرأة ممارسة العداء، والخيانة للمملكة وشقيقاتها، بدون أن يكون على اطلاع كافي لطبيعة الخبث المصيري الذي يحاك للمنطقة.

 

   السؤال، ماذا بعد لعبة الأمريكان القذرة؟ بعد أن تكشفت سياساتها الإستراتيجية تجاه الأصدقاء التقليديين في المنطقة. على أمريكا أن تعلم وهي تدرك ربما بأن الأسوء لها، وللعالم الماكر قادم، لكن لا كما تطمع، وتأمل، بل لما تكره. فالموعود القادم سوف يولد، وينبعث من ثنايا الركام والدمار الي تبارك فعل صناعته، وانتشار مآسي كارثيته، ليصبح الأمريكان وحلفائهم، وروسيا أمام معلم سياسي في المنطقة لن تسعف آلة مكرهم في مواجهة قوة بطشه وآلية عقله السياسي.

بقلم د.عبدالحي علي قاسم

الحجر الصحفي في زمن الحوثي