غازي المفلحي || إلى بحاح .. لا تجعل من نفسك مطية يركبها الحوثي وعفاش

كتب
الثلاثاء ، ١٥ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ١١:١٧ صباحاً

نحن نعرف انك تفتقد للخبرة السياسية ، فالسياسة ليست مجالك ، وهذا ليس عيباً بل على العكس لعل الجهل السياسي في الوقت الراهن ميزة على الأقل لراحة الضمير ، فالمصايب التي نعيشها هذه الأيام ليست الا حصيلة اخطاء وخطايا من يقدمون انفسهم لنا كسياسيين .

 

نتفهم ان لا تخصصك ولا مجال عملك بعد التخرج كان له علاقة بالسياسة ، صحيح انت اقتربت منها في فترة متأخرة من حياتك المهنية لكن لم تبحر معها ، واكتفيت منها بالسباحة على الشاطئ ،  فلماذا لا تدع السياسة في الوقت الراهن لأهلها وتنتظر انت فرصتك عندما يحين وقت التكنوقراط  ليأخذوا دورهم ؟

 

دخولك على الخط الآن هو دخول في الزمان الغلط وهذه اول علامات الأمية السياسية ، لا ندري من الذي ضحك عليك من صبية عفاش الذي قابلك مؤخرا واقنعك ان وقتك قد حان لتحل محل هادي ، هم يسعون خلفك ليس لإيمانهم بقدراتك السياسية بل لضعف خبرتك فيها ،  وجل ما يريدونه منك هو ان تقوم بدور المحلل لشرعية جديده يسعون لجعلها بديلة لشرعية هادي إعتقاداً منهم انهم يستطيعون من خلالك تمرير مشاريعهم الجهوية دون ان يتهمك احد بأنك جهوي ، فأنت شخصية معروفة ، جنوبي ، وغير محسوب على احد حتى انك لست حزبيا وفوق ذلك وقبله ضعيف البناء السياسي وهذه الصفة الأخيرة هي بيت القصيد الذي يشدهم اليك لكي تحقق لهم بالسياسة ما عجزوا عن تحقيقه بالسلاح .

 

اشادتك بعفاش عدو الشعب كانت سقطة كبرى كشفت ضحالة خلفيتك السياسية ، ربما اعتقدت او تم الإيحاء لك بأن عفاش لا يزال ورقة لها ثقلها ، وان منافقته او ممالأته سوف تضمن لك اجماع انت تحتاجه للحلول مكان هادي ، لكن هذا لم يفدك سوى في كشف الجانب الإنتهازي البياع في شخصيتك ، ولو انك كنت تحترم تضحيات ابناء الشعب التي قدموها في كل زاوية وشارع وسهل وجبل من اجل الخلاص من حكم عفاش الجهوي العائلي الفاسد والحوثي الإمامي الكهنوتي ما كنت انزلقت في منحدر الإشادة به والدفاع عنه .

 

أما الإخفاق الاكبر الذي اظهرك كمتسيس ساذج فقد كان إعلانك بأن أيام هادي كرئيس اصبحت معدودة وأنه في طريقه لأن يصبح مجرد رئيس سابق مثله مثل عفاش ، وطبعا كل الذين سمعوا تصريحك فهموا انك تقدم نفسك كرئيس بديل لهادي .

 

هذه التصريحات كشفت عن سطحية سياسية لشخص لا يدرك ماذا تعني شرعية رئيس جاء باجماع شعبي عبر عنه استفتاء غير مسبوق عززته توافقات سياسية لكافة المكونات السياسية والمجتمعية ، وان هذه الشرعية قامت على اساسها مقاومة وطنية وحرب اقليمية سقط فيها الآف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى ، وشددت على التمسك بها عشرات القرارات والتصريحات والمواقف المحلية والإقليمية والدولية.

 

دعني اسألك ..

 

ماذا لو تحقق حلمك بازاحة هادي والجلوس مكانه ، هل ستكون لك قوة شرعية هادي ؟ هادي يستند في شرعيته على دعم 7 ملايين ناخب ، ومبادرة خليجية اصبحت في العرف القانوني اقوى من الدستور ، وقرارات اقليمية ودولية اكدت باستمرار على التمسك بهذه الشرعية والوقوف الى جانبها ، وعلى الأرض هناك التفاف شعبي ومقاومة وجيش وطني يعلن الولاء لهذه الشرعية ويؤيدها ويقاتل من اجل الإنتصار لها ...  فماذا ستكون شرعيتك انت ؟

 

في احسن الأحوال قشة في مهب الريح ، لأنها ستكون شرعية كتل وكيانات سياسية تتلاعب بها الأهواء والمصالح ، وكل الذي في يدك ان تعمله هو التنازل لهذا الطرف حينا ولذاك حينا آخر لكي تحتفظ بموقعك ، وبتشبيه قريب من الواقع فإن وضعك لن يكون احسن من وضع رئيس الوزراء التوافقي باسندوه الذي لم يتمكن من انجاز شيء رغم نواياه الحسنة .

 

شرعية هادي بالنسبة للهضبويون عقبة كبرى كونها جاءت عبر استفتاء شعبي عززته المبادرة الخليجية التي تحولت الى مرجعية قانونية تتجاوز الدستور ، وهذا اعطاها قوة تأثير هائلة محليا واقليميا ودوليا ، ولذلك هم يستميتون لإسقاطها بكل الوسائل والسبل ، وحتى في المفاوضات التي يرعاها المبعوث الدولي هم يضعون تحييد سلطة هادي في اعلى سلم اولوياتهم ،  ولوتحقق لهم ما يريدون وجردوا هادي من شرعيته فإن الشرعية البديلة لابد ان تأتي على قاعدة التوافقات بين المكونات السياسية ، وهذا ما يريدونه تماما حيث سيكون بإمكانهم التحكم بها وتطويعها لصالحهم ، فهم لا يزالون يسيطرون على اكبر الكتل السياسية  بالإضافة الى وسائل التأثير الأخرى الإجتماعية والمالية والعسكرية التي لا يزالون يمتلكونها.

 

لكن هذا وحده لا يكفي لتفسير هذا الإصرار الحوافشي على تجريد هادي من شرعيته ...  في الواقع هناك اسباب اضافية اخرى :

 

أولا : اثبتت الأحداث ان هادي ليس ضعيف شخصية كما يحلو للبعض تصويره ، بل هو صاحب مشروع مؤمن بمشروعه ومستعد للموت في سبيله ، وهو لا يستسلم بل يقاوم بشراسة الضغوط ايا كان نوعها او مصدرها اذا جاءت على حساب شرعيته التي ائتمنه عليها الشعب ، او على حساب مشروعه في بناء دولة سيادة القانون .

 

ثانيا : اصبحت شرعية هادي عنوانا ورمزا لكفاح اليمنيين في سبيل إسقاط الدولة الجهوية القروسطية بكل ما تمثله من هيمنة وتسلط وسلب ونهب وظلم ، وبناء دولة العدل والمواطنة المتساوية وسيادة القانون وفق الأسس والمبادىء المجمع عليها وطنيا والتي تم صياغتها في وثيقة الحوار الوطني والدستور المنبثق عنها .

 

ثالثا : اسقاط شرعية هادي تعني تجريد المعارضين والمقاومين ومعهم الداعمين والمساندين من اهم نقاط القوة التي يرتكزون عليها حاليا في مواجهة الإنقلاب ، بعبارة اخرى فان المساس بشرعية هادي سوف يقود بالضرورة الى تفكيك التحالف العربي الداعم عسكريا لهذه الشرعية ، وتحويل المقاومة الشعبية التي تكافح من اجل اسقاط الإنقلاب الى مجرد عمل مسلح مناهض سوف يُجرَّم لاحقا كل من ينخرط فيه او يسانده او يدعمه ، وهو ما يعني اخيرا شرعنة هذا الإنقلاب والإعتراف به باعتباره سلطة الامر الواقع .

 

الجهد الذي يبذله الحوافش من اجل إسقاط شرعية هادي ومحاولة تمرير ذلك عبر ضغوط تمارسها بعض الدول او عبر الامم المتحدة هو جهد غير مشروع عبر وساطة غير اخلاقية ، ويتوجب على الشرعية ان تقاوم هذه الضغوط وبأي ثمن ، فالمساومة على شرعية منحها الشعب هو خيانة لهذا الشعب ولدماء وتضحيات ابناءه التي قدمها رخيصة في سبيل تحقيق آماله وانتزاع حقه في الحرية والعدالة والمساواة والعزة والكرامة له ولإجياله القادمة ..

 

بهذا الفهم يكون مجاراة الحوافش في سعيهم غير المشروع لإسقاط شرعية هادي هو عمل حقير لأنه ليس اكثر من محاولة لبناء مجد شخصي فوق اجساد الشهداء وعلى حساب اهداف الشعب ، ولا يجترئ على مثل هذا الفعل الا من هانت عليه نفسه قبل ان تهون عليه تطلعات وطموحات وتضحيات الشعب المقاوم ..

 

ثم كلمة اخيرة نوجهها لبحاح ..

 

بالنسبة لك فإننا كمواطنين لم نفقد الأمل حتى هذه اللحظة في قدرتك على منع نفسك من ارتكاب هذه الخطيئة لإعتقادنا ان نقص الخبرة السياسية والتغرير هو ما دفعك الى هذا السلوك الإنتهازي الرخيص .. وليس الحقارة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي