حسان الياسري | تعز مدينة الرعب والأشباح

كتب
الثلاثاء ، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٦ الساعة ١١:٤٥ صباحاً

لا أعلم كيف أبدأ ، ولا كيف أنتهي ، ولا بأي طريقة وأسلوب أنقل لكم المشهد وأصور لكم الحال والأجواء الجديدة التي آلت إليها الأوضاع المأساوية عندنا ، كل ما أستطيع القول بأن القتل والنهب والبلطجة أصبحت سمه من سمات المدينة ، التي تحولت من محافظة الأمن والسكينة والسلام إلى غابة مظلمة يسودها الخوف والفزع والدماء ،ومرتعاً خصباً لإزهاق أرواح البشر ، ولم يعد المواطن يأمن على حياته فيها وهو يتجول في شوارعها ليقضي حاجاته ، وكنّا فيما مضى وتحديداً في بداية الحرب عندما نسمع عن مقتل شخص ، لا نحتاج لجهد لمعرفة من القاتل فالإجابة واضحة  ، فإما أنه قُتل في إحدى جبهات القتال أثناء مواجهة قوى الانقلاب أو أنه قُتل في بيته على إثر قذيفة أرسلتها تلك الفئة القادمة من ظلمات التاريخ على الآمنين العزل ، لكننا الآن صرنا نسئل مع الشعور بالمرارة في حلوقنا والوجع في صدورنا عن سبب مقتله ..

 

فهل قضى نحبه في ميدان العزة والكرامة دفاعاً عن الأرض والعرض أم أغتالته أيادي إجرامية وجماعة سرية في وسط تعز واختفت وقيدت القضية ضد مجهول ؟

فكلما ارتفعت نسبة تحرير أجزاء من المدينة ترتفع معها نسبة الجريمة والانتهاكات بشكل طردي ، في ظل انخفاض بل غياب تام لعمل السلطة المحلية ودور الجهات الأمنية في توفير الطمأنينة والأمان للناس في مربع تواجد وسيطرة الجيش والمقاومة الشعبية ..

السبت الماضي وفي تمام الساعة الثامنة مساءً تعرض الزميل محمد فؤاد النعمان أحد رجالات ثورة فبراير الأوائل ، لمحاولة تصفية جسدية مرعبة في شارع جمال عند فندق ديلوكس ، من قبل ثلاتة أفراد ملثمين ، بعد أن كان أحدهم يتواصل معه عبر الوتساب من شهر مايو الماضي ، مدّعياً أن إسمة ( حسام ) ، وكان يوهمة بأنه معجب بمواقفه وكتاباته.. ، وطلب منه أن يلتقي به لأكثر من مرة ليتعرف عليه عن قرب ، إلا أن محمد كان يختلق الأعذار من باب التكاسل ، فلم يخالطه الشك في لحظة بأن هناك مكيدة ومخطط إرهابي وعملية غدر ملعونة في كل الأديان السماوية والأرضية ، ومنبوذه في الأعراف والأخلاق اليمنية ، لكنه في هذه المرة تلبسه الحياء من إلحاح المجرم المتكرر بطلب مقابلته ، فعقد العزم على تلبية طلبة وتم تحديد الزمان و المكان المذكور آنفاً وتحديداً عند مطعم الجراش ، وعندما حضر محمد إلى هناك لم يلحظ أو يلفت إنتباهة أن ثمة شخص يبحث عنه ، غير ثلاثة أشخاص ملثميين في العشرينيات من أعمارهم ، تتطاير من عيونهم شرارة الإجرام ، وهم على متن دراجتين ناريتين ، فعندما رآهم بدأ الشك يدخل إلى قلبه ، وأدرك أن شراً ينتظره ، فعمد إلى التمويه تمهيداً للاختفاء من أمامهم دون أن يشعروا به ، وذلك من خلال إخفاء وجهه وهو يتصنع أنه يريد شراء فاكهة من الباعة المبسطين هناك ، لكن أحدهم أنتبه له و أحس بما ينوي صيدهم القيام به ، فلم يترك له فرصة للهروب ، فباشرة بإطلاق أربعة أعيرة نارية من مسدسه وجهها نحو صدرة ، اخترقت إحداها يده اليسرى وواصلت طريقها لجسده وتستقر في لحم الصدر ، دون أن تُحدث بفضل الله كسراً في العظم أو ثقباً في القلب ، ثم لاذوا بالفرار ، بعد أن هوى جسمة على الأرض من إثر الإصابة مضرجاً بدمائه  ، فهرع بعض فاعلين الخير وأسعفوه إلى المشفى ، وتم إجراء الإسعافات الأولية وأوقفوا نزيف الدم المتدفق بغزارة ، فأخبره الطبيب بأنه لا يمكن إخراج الرصاصة في الوقت الحالي ، إلا بعد أن تستقر ويتوقف تحركها ..

محمد .. لن يكون الأخير بل سيستمر هذا المسلسل ما دام وأن مدير شرطة تعز لم يقم بواجبة في عمل الدوريات ونقاط التفتيش ومنع المرور أو التجول بالسلاح ويكون عند قدر المسؤولية التي قبل بها ، وكذا محافظ المحافظة الذي لم يقم بعقد اجتماع موسع مع القيادات العسكرية وقيادات فصائل المقاومة الشعبية والتوقيع على محضر يتضمن معاقبة أي شخص سيكون حاملاً للسلاح في وسط المدينة مهما كانت تبعيته ،  فجبهات القتال قد انتقلت إلى أطراف المدينة ولايوجد لهم مبرر من حمله بين الناس ، وليس هناك مبرراً للمسؤليين المعنيين في الأمر من السكوت عن هذة الظاهرة مطلقاً .. كما لا ينبغي أن نغفل دور المحاميين والحقوقيين والناشطين بالقيام بما هو بوسعهم وما تمليه عليهم ضمائرهم وشرف المهنة من خلال التواصل والتنسيق مع كل أصحاب العلاقة والعمل على تحويل هذة الظاهرة إلى قضية رأي عام ..

 

وأخيراً ...

دعونا نرفع شعار أن كل ملثم يحمل سلاحاً في المدينة فهو مجرم قاتل .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي