رئيس توافقي في مهمة بناء دولة.. هل يستطيع؟

كتب
الأحد ، ٢٠ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٣٣ مساءً
  ماجد المذحجي منذ ثورة 1962 ووصولا إلى ثورة 2011 تمتلك القوى التقليدية القدر الاكبر من المرونة في التسلط والإحتيال على الحلم اليمني، وكما شكلت تداعيات الصراع على السلطة عقب 26 سبتمبر مفتاحا لاسوء الانقسامات المناطقية والطائفية الذي ذهب ضحيتها الالاف من اليمنيين وصولا إلى حسم المعركة بعد أحداث أغسطس وإتفاق المصالحة و"التقاسم" الجمهوري الملكي، تمضي الامور حالياً في ذات المسار حيث الصراع على تقاسم السلطة في اشده، وتبدوا ذات مقدمات الانقسامات الطائفية والمناطقية القديمة حاضرة حاليا بعد المبادرة الخليجية، حيث هي النسخة الحديثة من إتفاق المصالحة والتقاسم القديم. واللافت في مسار التشابهات بين الثورتين هو نفس الإضطرار، حيث يبدوا موقع الرئاسة "تسووياً" في الحالتيين القديمة والحديثة، فسبق أن كان القاضي عبدالرحمن الارياني هو البديل المؤقت والمجرد من العصبية والمقبول من جميع الاطراف باعتباره لايشكل تهديداً، وحيث هو الضعيف قياسا إلى القوى التي رجحته ومالبثت ان انقلبت عليه بعد أن بدأ يحمي موقع الرئاسة من الإعتداءات محاولا بناء الدولة، مع إختلاف السياق والظروف طبعا عن الوضع الراهن، وصولا إلى عبدربه منصور هادي الرئيس التوافقي الحالي، فهو كما سلفه الارياني، بعصبيه قليلة، ولايشكل تهديدا وتم إختياره بغرض ضبطه لاحقا، ولايمتلك من مصادر القوة سوى شرعية دولية تخشى من إنفلات الامور في خضم معركة دولية مع الارهاب تقع اليمن في قلبها، ورغم ان اداء هادي حتى الان يُظهر قوة وتحكم وقيادية قوية ومبشره وتبعث على الامل إلا أن الحقائق القاسية مازالت تُظهر أن الطرفين المتوافقيين مازالا، وسيظلان إلى فترة طويلة، يمتلكان اوراق الترجيح والحسم، وحيث هي معركة حماية الرئاسة وتأكيد إستقلاليتها تجاه الجميع وبالتالي إعادة الاعتبار للدولة هي المختبر الحقيقي الذي ستضعه في مواجهة الجميع وبالتالي قد تعرضه لمصير سلفه القديم (الارياني) خصوصا إذا بدأ هذا الفاعل الدولي يُخلي قائمة اولوياته من مشكلات اليمن. يحتاج هادي للنجاة من هذا المصير القديم المتجدد إلى حماية نفسه عبر "التكثير" من خياراته السياسية. الإستثمار الفعال والسريع لموقف دولي يبدي اهتماما باليمن في تفكيك أي مقاومة للاعتراف برئاسته وسلطتها، وبناء توافق وصلات مباشرة مع أطراف آخريين من حوله في الشمال والجنوب، يقعون خارج الأطراف السياسية ومراكز القوى المحيطة به التي تتنازع على التسلط عليه وتقاسم سلطته معه، وبناء عصبية حديثه تجعل من المدنيين والجمهور الحالم بدولة قوية هم جمهوره وأدواته، والتحرك بهدوء وصلابة نحو إعادة الاعتبار لموقع الرئاسة كموقع حكم فعلي يستخدم ادوات ووسائل الدولة وهيبتها، وليست كما فعل صالح موقع يكرس إنطلاقاً منه إضعاف الدولة وادارة الحكم بأدوات ليست لها، ومحل لإنجاز التسويات بمخيلة ناهب يتقاسم الغنيمة مع آخريين. شخصيا لم أعد أعول على الثورة منذ تخلت عن "مثالها الاخلاقي"، لتتحول إلى شكل من المساجلة الفاسدة في الفيس بوك والصحف يتم فيه إستثمارها كمنصة لإطلاق التهم ومنح الصكوك ومصادرة المختلفيين، والقيام بتدوين رواية واحدة عن الصواب يصب في مصلحة أطراف بعينهم، وحيث اليمن تعيد إنتاج تاريخها بسخرية شديدة فالثورة هي فعل نبيل وملهم في البداية، يعيد ترميم الهوية الوطنية الجامعة التي تم الإعتداء عليها بفعل الإستبداد، وماتلبث أن تتحول إلى حاضن لمحركات التخلف والتسلط التقليدية بشرعية جديدة يتم عبرها إسقاط الفرص وحشر الوطنيين في الزاوية ومن ثمة مُصادرة الدولة وإعادة تقاسمها برعاية إقليمية ودولية. إن ما يُبقيني على أمل هو إمكانية أن يصبح عبدربه منصور هادي رئيس يمني حقيقي أستطاع أن يبدي حتى الان إراده قوية تبعث على التفائل، على الرغم من كل التعقيدات والظروف التي احاطت بتوليه موقعه من البداية، ويتولى لإول مرة مسؤولية بناء فرصة أمام اليمن لكي تنجو ويعيد الإعتبار لحلم كثيرين أسقطه الإنقلاب على الثورة وتقاسم جثتها من قبل الجميع. [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي