العودة الى الحصبة !

كتب
الثلاثاء ، ١٥ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٦ مساءً
  آسيا ناصر المقارنات دائماً ماتصعّب الحلول وتصعّب التكيف على تقبل الأوضاع الجديدة...والحصبة باتت بغمضة عين وانتباهتها تخضع لهذه المقارنات والمساومات الرخيصة بعد أن دمرت الحرب بيوتها وأحرقت أحلام هذه المدينة التي كنت اعتبرها محمية ذات سياج خفي تكاد تحتفظ بملامحها وتضاريسها ولا تقبل التجديد أو التغيير جوهرياً وخارجياً . والعودة إلى الحصبة حقيقة, لكنها حقيقة مؤلمة عايشتها أثناء الحرب , وبعد شهور من الحرب,ومحاولة العيش فيها , كالعيش بين ركام الماضي القريب الذي يفصل بين الحقيقة والخيال، الفعل ورد الفعل, أحلام المارة المتوجسة وهي تسير جنباً إلى جنب مع السلاح, التشنج من رؤية البشر يتحركون كتماثيل شمع لا روح فيها,كلها محاولات غالباً ماتصيبنا بالإحباط. يحملون بنادقهم يطوفون في أسواقها، وجوه وفدت مع بدايات الحرب وظلت حتى اللحظة تذوب في سفح البارود وهلامية المعارك، تقذف الجريمة بعناصرها وتطفو بائسة لتشهد آخر الفصول ويسدل الستار بعد معركة خاسرة ربما من الطرفين لكنها كانت أشد إيلاماً على مواطني الحصبة. الحرب حصدت الخراب والذل والهوان ,وحمام الفجر المذبوح على مسرح الجريمة أشباح تطارد الحصبة وقاطنيها ليل نهار, الرعب المسكون في أوردة وشرايين مواطنيها, الجزع المستفحل من زمان ومكان الحرب . حقيقة الموقف كابوس أبى أن يغادر الشوارع والبيوت رغم أن الحرب انتهت كما بدأت خاسرة مهزومة تنفح برائحة الحقد والمكر الذي يملأ البشر عندما يتحولون إلى عدوانيين وعنيفين. كل المفاهيم تخضع للاحتمالات، فيما الحقيقة تقول إن بعض السكان لم يتركوا بيوتهم خوفاً من النهب.والمؤجرون خضعوا لقانون الحرب, بعد هجرة المقيمين, وأذعنوا فيما بعد لتـأجير بيوتهم بسعر زهيد بعد أن أصبحت مدينتهم منطقة نزاع ويمنون النفس بأمنيات تبدو وقت النزاع مستحيلة . في اللقاء التشاوري الثاني لتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي 1325 تحت شعار«تعزيز السلام والأمن وإنهاء التمييز ضد المرأة» الذي أقامه «مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان» الخميس الماضي في عدن, الحاضرات حقوقيات وناشطات وإعلاميات وحقوقيون وناشطون وإعلاميون, استهدف اللقاء التشاوري النساء في النزاعات المسلحة وركز على نازحات أبين والتأثير النفسي والاجتماعي. المقدمات لورق العمل -رئيسة اتحاد نساء أبين الأستاذة آمنه العبد وهي نازحة من أبين الى عدن ومتضررة من النزاع المسلح في أبين, وورقة الأستاذة مها عوض وهي نازحة من الحصبة الى عدن ومتضررة من النزاع المسلح في الحصبة, وورقة الأستاذة إشراق المقطري وتحدثت هي الأخرى عن تجربتها ونزوحها الى عدن أثناء النزاع المسلح في تعز - تحدثن جميعاً عن الأضرار النفسية التي تحيق بالنساء أثناء النزاع المسلح، فيما وهن يتحدثن عن تجارب الأخريات مثلن تجربة حية ,خاصة وهن عايشن تجربة النزوح وتختلف شدة الألم والضرر من نازحة الى أخرى ,لكن أكثرهن ألماً الأستاذة آمنة العبد التي خلفت بيتها وكل ذكرياتها وهويتها , ورغم الألم والذكريات المؤلمة لم تفارقها الابتسامة ولم تفارق مخيلة الحاضرين عفويتها ولهجتها الريفية البسيطة.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي