الثورة مستمرة.. والحوار ليس الغاية

كتب
السبت ، ١٢ مايو ٢٠١٢ الساعة ١١:٠٩ مساءً
عبدالله أحمد الذيفاني الثورة فعل إنساني نبيل يهدف - على الدوام وفي مراحل التاريخ المختلفة التي شهدت ثورات عارمة - إلى إحداث تغيير شامل وجذري في حياة المجتمع الذي شهد الثورة وقدم أبناؤه لأجلها تضحيات جساماً. ولا يمكن أن تكون الثورة محطات يتوقف فيها فعل الثورة عند محطة التوقف الأولى.. ثم يعاود في محطة أخرى، وهكذا توقف وعودة!!. إن الثورة فعل مستمر متدفق بحيوية وحماس، يقتلع كل من يقف في طريقه من العابثين والطغاة المستبدين, ويسوّي الأرض لولادة حكام جدد يحملون آمال وآلام المجتمع, ويسعون إلى تحقيق طموحاته بإدارة منسجمة في أقوالها وأفعالها مع المرجعية الثورية وقائمة على أرضية الحراك الثوري الهادف إلى التغيير الحقيقي، الذي يعيد للإنسان كرامته وحقه في حياة حرة ومواطنة متساوية، تحقق له شراكة كاملة في الإدارة واتخاذ القرار والانتفاع من الثروة الوطنية. وفي سياق الثورة اليمنية فبراير 2011م, فإن الواقع المعاش يقول: إن على الثورة أن تستمر، وإن على الراغبين في الحوار أن لا يقطعوا نهر تدفقها المتمثل بالساحات, وعليهم أن لا يوقفوا مسيرتها بالتزامات تحد من التصعيد الثوري الهادف إلى تحقيق كامل أهداف الثورة التي خرج لأجلها كل الثوار شباباً وشيبة وأطفالاً ونساءً ومن كل الفئات العمرية. لقد كنا نقبل أحياناً - وعلى مضض - التبريرات التي أفضت إلى توقيع المبادرة, ثم الآلية, ثم قانون الحصانة, ولكننا لا نستطيع الاستمرار في بلع السكاكين والأمواس، ونغض الطرف عن دماء الأكرم منا جميعاً “الشهداء”، ونحشو آذاننا عجيناً وقطناً عن سماع أصوات الجرحى والمعاقين وأنينهم وتوجعاتهم, لكي تمر الأمور التي تحقق للطرف الآثم طمأنينة واستقراراً, وتنزع من الثوار مكتسبات، وتفرغ الثورة من محتواها. إن على حكومة الوفاق أن تدرك جيداً أن المضي في مسك العصا من النصف سيؤدي بالمحصلة والنتيجة إلى الإضرار بهم أولاً قبل غيرهم, وسيؤدي بهم إلى مآلات لن يجدوا لها في حينه مخارج موضوعية, ولذا عليهم أن لا يسيروا وراء الدليل الأجنبي الذي يحدد لهم طريقاً هو يعلمها, ويدرك دروبها جيداً, ومحدداتها في ضوء مصالحه: أولاً، وثانياً, وثالثاً, وخامساً... أيها الإخوة الذين يقبلون أن يكونوا قطعاً في رقعة شطرنج الوصاية الدولية ويلغون قناعاتهم وحقائق انتماءاتهم إلى وطن اسمه اليمن له جغرافيته وسكانه, وله مصالحه, وله سيادته وخياراته: إن الرصيد الخاص بكم يتآكل، وإنجازاتكم تصغر، ويظهر على الشاشة جهد الوصي واجتهاد السفراء, وقرارات ما يسمى بالمجتمع الدولي، وتضيع الشخصية الوطنية التي صار موقعها في الذيل والظل, ويظهر بالمقابل اتجاه محموم نحو الشباب، والتركيز على الشباب وبما دفع الشباب إلى التفرق والتمزق شيعاً وتكتلات، كلٌ يجمع ويؤطر نفسه في إطار وكيان يرسم من خلاله موقعه المستقبلي في خارطة التقاسمات والمحاصات، إلى درجة أن البعض شكّل أحزاباً شبابية. وهو لعمري عمل عجيب غريب, فأين سيذهب من يتجاوز مرحلة الشباب؟ هل عليه أن يشكل حزب الشيوخ وبعده الكهول؟ وكيف يتصرف من التحق بالثورة ولم يبلغ سن الشباب.. هل يشكل حزب الطفولة؟! فالمفترض أن تكون الأحزاب أحزاب قضايا وتوجهات مبنية على رؤى واضحة وقناعات محددة وإرادة متماسكة ذات بوصلة دقيقة. أيها الناس.. لقد صنعتم صنماً داخل كل ثائر صدق إعلامكم, وأعتقد أنه رقم صعب, تناسى أن كل جهد بذل ويبذل في الثورة هو جهد جمعي مجتمعي, شارك في مراحله وتفاصيله المجتمع بكل فئاته العمرية والمجتمعية, ومن ثم فليس هناك لفئة وصاية على الثورة والقفز على غيرها. ومن العيب الثوري أن يوزع الثوار أنفسهم إلى فئات وجماعات؛ لأن هذا هو بداية الفشل وبداية التراجع عن المسار الثوري الحقيقي الذي يستحقه كل من شارك حتى تلك النساء والأطفال الذين كانوا يرشون الماء والورد على الثوار وهم في مسيراتهم اليومية. أيها الناس.. إننا نقول لكم: إن الحوار أساسي ومهم وحيوي, ولكن بعد نزع الأنياب والأظافر, وعليكم الاعتبار مما حدث في مطلع التسعينيات حين دخل الناس حوارات طويلة وبرعاية إقليمية ودولية, وتم التوقيع على وثيقة في عمان “الأردن” ووثيقتكم في الرياض “السعودية”، ولكن التوقيعات والالتزامات ضرب بها عرض الحائط، وأدخلت اليمن في حرب ظالمة دفع ثمنها جيش اليمن وأحرار اليمن والممسكون بالوحدة الحقيقية والحالمون بها عمراً طويلاً من أجل يمن ديمقراطي موحد.. وظفر بها جماعة تحاورهم اليوم وأيديهم على الزناد، وتحت سيطرتهم وسطوتهم قوة هائلة من الجيش والعتاد والإرادة الخبيثة في تدمير اليمن. قد يقول قائل: إن الأمر مختلف اليوم؛ بوجود الوصاية الدولية على الأرض, نقول لهم: لقد كانوا أيضاً هناك, ولكنهم كانوا يرغبون وبشدة في تصفية جيش الدولة العقائدي، وكان لهم ما أرادوا، واليوم لهم أيضاً رغبة محمومة في استحكام سيطرتهم على القرار والمنافذ والسيادة، وهم يملكون خيوط كل ذلك اليوم, ولم يعد هناك حزب يساري يعارض هذا الوجود الإمبريالي, ولا حزب إسلامي ينكر هذا التدخل غير المؤمن، ولا حزب قومي يناهض هذه الهيمنة الأجنبية. نعم الأمر مختلف اليوم في أننا لم نعد نملك قوة حقيقية، وصرنا في وضع لابد من تغييره؛ إذ علينا أن ننفذ من قيد الوصاية الدولية. والله من وراء القصد..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي