الهروب إلى تجارب أنظمة نظيفة

كتب
الاربعاء ، ٠٩ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٢٢ مساءً
  وليد البكس خلال هذا الأسبوع حدثت تجربتان هامتان في التغيير،بالطبع ليس لهما علاقة بالربيع العربي.لكنهما تستحقان المحاكاة ، ولو من زاوية التخفف من حالتنا المشتتة،والنظر إلى حالة هذا التغيير حتى ولو كحلم يمكن أن نتمثله يوماً ما في البرازيل،حيث طالب الشعب من رئيسهم تغيير الدستور،ما يمكنه من البقاء في سدة الحكم،إذ تبدو حياة الرئيس البرازيلي حافلة بما يمكن ان يكون قصة نجاح مشروعة بالغة النموذج،فماسح الأحذية الذي صار رئيساً ،بدأ حياته مجرد مهني اجواخ،الى أن أسهم في جعل بلاده ضمن أقوى الاقتصاديات والقوى الإقليمية المحورية في أميركا الجنوبية،ماسح الأحذية لم يستمر فترة ليست بالقصيرة بضواحي«ساو باولو»في هذا العمل،وبعدها صبياً بمحطة بنزين،ثم خراطاً حيث فقد الاصبع الصغرى في يده اليسرى،وميكانيكي سيارات،ثم بائع خضار،واليوم يبكي«لولا دي سيلفيا»لأن شعبه مايزال يريده أن يمدد في الحكم،وهو يرفض ،ليصبح رئيس البرازيل السابق. “سيلفيا”مدته الرئاسية انتهت والشعب لا يريده أن يستقيل.لن نفرط في استدرار تجربة البرازيل ، فتجربة فرنسا الطازجة أيضاً تحتاج إلى أن تكون حلماً خالصاً سيظل يلازمنا كبلد يحلم بمناظرة تلفزيونية لمرشحين رئاسيين،وحملات دعائية انتخابية نظيفة،ونتيجة معلنة لا يطالها التخوين والتحقير والتزييف والتزوير،ثم تقبل الهزيمة بصدر رحب ونفس راضية، يعلنها الخاسر من موقف القوي،ويهنئ الفائز. مساء الأحد حدث ذلك،أطل الرئيس الفرنسي السابق عبر الفضائيات،بارك فوز خصمه فرانسوا هولاند الفائز بتولي الحكم،لم يخف ساركوزي صدمته بالخسارة،ومع أنه حاول الظهور متماسكاً إلا أن علامات الذهول بدت فاضحة مرارة الرحيل عن القصر،وفي بلد كفرنسا(وجه اوروبا)،لا تفرق كثيرا عن خلع أي حاكم هناك أو هنا في الرقعة العربية ،المذاق على ما يبدو واحداً ،غير أن كل طريقة تليق بصاحبها وقبله-نفس المرارة-تسري في حلق الشعب الذي ينصب رئيساً أو يخلع آخر وشتان بين من يستلم السلطة عبر الصندوق عندهم وآخر يزوَرها ويحاول البقاء على رؤوسنا،حاكماً وهو مجرد خاطف للصندوق والسلطة وحياة الشعب. صعد هولاند رئيساً جديداً لبلده،هذا القادم من اليسار استلم السلطة،وانتهت حكاية ساركوزي ليصير في خانة الـ “رئيس السابق”التجربة التي حدثت في فرنسا ليست وليدة اللحظة،أو يمكن إنشاء المقارنة هنا،ومهما يكن الفارق جوهرياً بيننا وبينهم كأمة وشعوب متقدمة ومتأخرة،يجب أن يؤخذ بها في ظل الربيع،خاصة في حالتنا نحن اليمنيين،والحديث هنا لا يدور عن تجربة انتخاباتنا الرئاسية الاخيرة،البعد الآخر السابق لحالتنا الآن؛حيث ظللنا ندور في فلك المتفرد بالسلطة، نصغي منذ زمن نلوك الشرعية الدستورية ونردد جمل التجربة الديمقراطية ،والانتخابات الحرة النزيهة.لم يتحقق لنا من ذلك سوى التزوير والخداع،واللعب بمشاعر الناس وتزييف وعيهم،ووراء كل انتخابات او مهرجان انتخابي نشاهد شطط الانصار و جلبة المؤيدين،وانتشار مليشيات المناصرين والأقرباء،وهو مالم نشاهده في حالة فوز المرشح اليساري،فلا عذابات انطفاء الكهرباء تكويهم بسبب رحيل الزعيم مثلاً،ولا يذهب المقربون إلى خلق الفوضى كجزاء وعقاب حتمي لإنكار النعمة التي لم تكن أكثر من مجرد فبركات شكلية لا ترقى إلى حالة مستوى الإنسان،وتحقيق أبسط الحقوق والحرية،ومتطلبات العيش. [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي