تساؤلات من شُرفة الجنوب!!

كتب
الخميس ، ٠٣ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٣٤ مساءً

  شفيع العبد

تتموضع القضية الجنوبية في قلب الأحداث السياسية اليمنية، وتحتل الصدارة في اهتمامات المجتمع الإقليمي والدولي فيما يتعلق باليمن، وذلك خلاصة طبيعية للتضحيات التي اجترحها أبناء الجنوب وحراكهم السلمي منذ 7يوليو 2007م.

ينظر البعض لذلك الاهتمام على أنه نهاية المطاف وأن الحل بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق، مع أن معطيات الواقع لمن يجيدون قراءة الأحداث وسبر أغوار مابين السطور، تضع ذلك الاهتمام والحرص الذي يتزايد بالقضية الجنوبية في زاوية "إبداء حسن النية"  ليس إلا، دون أن تحمله أكثر مما يحتمل، على أنه يبقى "مجرد كلام" إذا لم يتحمل أصحاب الشأن – وهم هنا أبناء الجنوب- مسئولياتهم التاريخية تجاه قضيتهم، وتلك المسئولية يجب أن تتبلور في شكل سياسي منظم، يتعامل بمنهجية أسها "برنامج سياسي" وأساسها " قيادة" فعلية تملك رؤية ثاقبة، ومرونة للتعاطي مع الأحداث، متحررة من استعمار "لا يعنينا" الذي يكاد يقتلنا بـ"انهزامية" مقززة.

المرحلة الراهنة "مفصلية" تجاه تقرير مستقبل القضية الجنوبية ومعها الحراك الجنوبي الذي يجب الاعتراف بأنه "أرقى" شكل نضالي انتهجه أبناء الجنوب منذ انطلاقة ثورة 14 أكتوبر 1963م، وهو أيضا تجربة فريدة في تاريخ الجنوب لا أظنها قابلة للتكرار، لذا علينا الحفاظ على ما تحقق لنا حتى الآن والعمل على تطويره وتنقيته من "الشوائب"، لأن أي حركة ثورية غير قادرة على حماية نفسها من الأخطاء والعيوب ما لم يستشعر أفرادها مسئولياتهم ويوفروا الحماية لها ولو في حدها الأدنى.

استشعار المسئولية يتطلب "حسن نية جنوبية" في موازاة تلك "الإقليمية والدولية" تتمثل في الاعتراف الصريح من قبل أبناء الجنوب بكل أطيافهم وتوجهاتهم وأحزابهم ومكوناتهم، إنهم شركاء في تقرير مستقبلهم، وإنه لا يحق لأي مكوّن أو حزب أو جماعة أو منطقة أو تيار الانفراد بتقرير مصير الجنوب، أو ادعاء تمثيله، والوصاية عليه، وأن "المواطنة" هي معيار المفاضلة ولا يحق لأحد أن "يمنّ" على الآخر بتضحياته ونضاله.

يتبع هذا الاعتراف عقد مؤتمر حوار "جنوبي – جنوبي" تُمثل فيه كل المكونات الثورية والسياسية والاجتماعية، تمثيلاً متساوياً مع إعطاء تمثيل متساوٍ أيضا للمحافظات، تنتج عنه رؤية سياسية وقيادة موحدة لتمثيل أبناء الجنوب في أي حوار قادم.

المجتمع الإقليمي والدولي كشف عن حسن نية، ورمى الكرة في مرمى أبناء الجنوب، فهل يجيدون الإمساك بها، و "تمريرها"  في اتجاه ما يحقق لهم آمالهم وتطلعاتهم، أم أنهم سيظلون يمارسون لعبتهم المحببة "إهدار مزيداً من الوقت والجهد"، وسيواصلون نضالهم من أجل إقصاء بعضهم البعض؟ وهو ما بدا ملحوظاً في اللقاءات المكثفة "حامية الوطيس" التي تشهدها الغرف المغلقة في مدينة عدن هذه الأيام.

أسئلة كثيرة تطل برأسها من "شُرفات" المشهد الجنوبي، بينما المجتمع الإقليمي والدولي يراقب في انتظار موقف إيجابي من الجنوبيين، ويقيناً إنه لن يهدر وقته وجهده في انتظارنا، فمصالحه تحتم عليه السير إلى الأمام. فهل يعي الجنوبيون ذلك؟.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي