حرب 94

كتب
الأحد ، ٢٩ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠١:٢٥ صباحاً
  أمل الرشيد حرب 94 ثلاثة:  مقاتل  ومتورط ... وضحية.. سأكتب عنهم بصفتي انسان، لا تندهش وتفتح فمك وكأن أمامك مسخ كافكا، غريغور سامسا. أنا أكتب عن الحرب كـ حربهم وأنا الانسان، الذي لا وجود له في اليمن ففي اليمن أنت فقط : شمالي أو جنوبي . من أين يأتي الانسان هذا ؟ لا تبكِ في حرب ناقصة الزوايا، أضئ الزوايا كاملة، لتعرف كيف تطلق دموعك.. لا الزائفة لا المراهقة بلا ملح حقيقي.. في حرب 94 أضاء لي المقاتل والمتورط والضحية الزوايا، كلها.. المتورط كان تلميذا ً في عدن ، سحبه الحزب في تعبئة خاطفة.. كتبت عنه قصة حرب الوجه الأعجف، خاض حرباً ليست على قياس عمره ولا اطار ارادته، هكذا قِدْر يغلي بالزيت فُـتح وألقي فيه. وانتهى الأمر. المتورط قال : لقد قاتلنا بكل ما أُوتينا من قوة، ولكنهم توقفوا عن امدادنا بالذخائر.. وصمت منذ 18 عاماً. المقاتل جنوبي شرح لي، كيف تقود حربا على أرضك بقناعة أنيقة واثقة. جنرال قوي مثل قلعة، يعترف أن أجبن محارب هو من يشعر بالندم.. إنه غير نادم.,. للحرب ظروفها المرحلية. (لم ننهزم نحن فتحنا السدادة وانهمر الفيضان، لكن السدّ كان لنا، ملكنا ان كنت تفهمين ؟). فهمت ،قلت له. الضحية صديقة تقرقعت القذائف فوق رأسها في عدن.. تستدير عيناها عند استعادة الحدث، وكأنها لقطة طازجة حدثت للتو: (كانت قيامة . ناس يخبطون في بعضهم كيوم الحشر).. تجمع فتات البسكويت عن حواف الصينية (هذا.. كنا نتمناه من الجوع والعطش). سوف تندهش بعد أن تعرف كل هذا غيمة البشر التي تحلقت حول البئر قصفت. انتشلوا الجثث. غابت الطائرات. غيمة بشر جديدة.. قصفت أيضاً.. لعبة رديئة. الماء الأقرب الى قيء، يصفى بخمار الأمهات ، ملعقة لكل شخص ملعقتان قد تقتل شخصا اخر عطشاً ،ملعقة فقط. كل ما سبق قالت إنه غير مهم .. في اليوم الأخير حين سقطت عدن مثل طروادة. الجنود الملوثون بالتراب والحقد،الذين لاك كبدهم الكدم والفقر، هددوا بأنهم سـيبيتون عرسان. خُبّئت النساء مثل وسائد خلف الكراسي، وخلف أبواب الفصول المغلقة بحراسة مسلحة. رغم اصفرار الرجال في الملاجئ دبروا طرقا لا بأس بها للتخلص من العار. نحن نموت ، نحارب ، نخسر ، لكن لا يمكن التفاوض على شيء ثمين كالشرف. (علي صالح سياسي لا يعرف الحقد).. شهادة من ضحية تذكر أن الأوامر صدرت بعدم التعرض للنساء. تبتسم صديقتي كامرأة ثرية بتجربة حرب. الضحية وحدوية، المقاتل تحول الى انفصالي، المتورط صامت _ لا زال _ منذ 18 عاما.  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي