في وجع حضورها

كتب
السبت ، ٢٨ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠١:٠٥ صباحاً
  سارة عبد الله حسن محاولة ان أكتب كلمة في ذكرى رحيلها الأولى هي محاولة عبثية في حضرة من لا يمكن ان توفي الكلمات حقها في الرثاء ، كما تخجل الدموع في التعبير عن حزن فقدانها ..... فكيف و أنا لم أستوعب بعد صدمة الرحيل .... بل و أقول لكم الحق .... انني لم أصدق حتى انها رحلت !!! هل يمكن ان ينضب ذلك النبع ، و تلك القوة التي منحتنا الضوء والحياة في كل شئ ... هل يمكن ان يتغشاها الموت حقاً و يطويها البعد في لجة الغياب . يحاصرني اخواني الاعلاميون و زملاء دراستي بصورها في أماكن كثيرة ... هذه الصورة التي حاولت ان اختبئ منها كطفل يخجل من نظرة أمه ان أساء التصرف .... و انا اختبئ منها خجلاً لاني لم أبرهن لها عرفاني بجميلها علي ... أختبئ منها كي لا تجرني تلك النظرة التي تتلألأ بالثقة و الأمل و تلك البسمة المفعمة بالحب والرضا الى التفكير في غيابها ، و ان كل هذا الدنو من القلب لروح تركتنا.... و سكنت في مدن لا تعرف الفقدان والوجع ومع ذلك وجدت نفسي أعود للصورة و أتوحد مع زملائي في جعلها الصورة الشخصية لنا جميعا على الفيس بوك كأننا اجتمعنا مجددا في قاعة واحدة تحاضرين فيها و لكنك كنت على الصورة هذه المرة .... انتهت المحاضرة ... لكن بقيت أنت الحاضرة في كل قلب . واسمحي لي أيتها الراحلة الحاضرة أن اسميك باسمك دون ألقاب فكل لقب قبل اسمك بما فيها لقب الدكتورة والمعلمة لا يضيف لك شيئاً .... اسمك وحده هو من يضيف على الألقاب و المسميات وكل الكلمات معنى . رؤوفة حسن و انت فعلاً كنت لنا الرؤوفة و الأم الرؤوم .... لقد كنت أتساءل دائما ما الذي كنت ترينه فينا لتقدمي لنا كل هذا الدعم .... ما الذي كنت تأمليه و تنتظريه منا و أنت تحاربين بكل طاقاتك لإنشاء أول كلية للإعلام في اليمن وانا - و اسمحي لي ان أقحم نفسي في حضورك - ما الذي كنت ترينه في و أنت تشجعينني يوماً بعد يوم كما كنت تفعلين مع كل طلابك سواء من درستهم من أوائل الدفع ومن كانوا يسمونهم ب ( عيال رؤوفة ) أو مع غيرهم ما الذي كنت ترينه في... أنا الطالبة المنزوية في ركن القاعة و التي كانت ترسم بخجل أفكارها الأولى خربشات لا معنى لها على الورق ... أتذكر أول يوم قمت فيه بقراءة موضوع أمامك في قاعة المحاضرات ، و في جو من المرح قام احد الزملاء بانتقاد نطقي لحرف الراء فقد كنت - و لازلت طبعاً – لثغاء ، لم يحرجني تعليق زميلي و انا التي كنت أيامها اغرق من الخجل في شبر كلمة ، بقدر ما أذهلني دفاعك الشديد عني و انتقادك اللاذع لذلك الزميل و كيف وقفت يومها تشرحين أن هذه اللثغة ليست عيباً في الإعلام بل هي ميزة و صفة جميلة و ضربت يومها مثلا بمذيعة او مراسلة لراديو بي بي سي و كيف كانت مميزة بلثغتها . من يومها نسيت قصيدة ( لثغاء ) لنزار قباني التي كنت أستنجد بها كلما مزح معي أحد حول لثغتي، لاستشهد بإعجاب شاعري المفضل بلثغة محبوبته ، و نسيت كل كلمة مدح قيلت لي قبلك و بعدك حول هذه اللثغة .... وحده مدحك لي و كلماتك حول هذا الموضوع أو حول تشجيعك لي في أشياء أخرى وحدها التي حفرت صوتها في ذاكرتي. وهي أولى شهاداتي في الإعلام و هي أيضاً نجاحي الأكبر و أنا متأكدة ان زملائي ( عيال رؤوفة ) يشاطروني الشعور نفسه عندما تمدحيهم و تشجيعهم و أحيانا يكون تشجيعك بانتقاد جميل خفيف على القلب لتصحيح أخطائنا و لو أنني لازلت أكرر السؤال نفسه .... ما الذي كنت ترينه فينا لتدفعي بنا للأمام بكل هذه العزيمة و كل هذا الحب و الثقة . معلمتي الحبيبة يا من أدين لك بالكثير و أعجز عن إيفائك حقك بسلسلة من الكتابات و سلسلة من الأفعال لإنك كنت البدء و لولا البدء ما كانت النتيجة و ان كنت اعترف أنني وكثيرون من ( عيالك ) قد خيبنا ظنك كثيراً و عجزنا عن إجابة هذا السؤال ... ما الذي كنت ترينه فينا بل اسمحي لي ايتها المعلمة أن أسألك ما الذي كنت تريدينه منا ؟!! حين قامت ثورتنا لم أتفاجأ عندما كانت زميلتي الغالية و طالبتك المميزة الهام الكبسي هي اول من قابلت في ساحة التغيير من طلاب الإعلام و من ( عيال رؤوفة ) وكم انا سعيدة و فخورة لأني وجدت الكثيرين من طلابك و عيالك هناك .... أيتها المعلمة .... هل أستطيع الإجابة الآن ..هل هذا ما رأيته فينا ...بل هل هذا ما خلقته فينا ؟؟؟ أن نكون هنا ... في كل ساحة للحرية و التغيير ... في هذا المكان و غيره ... هل هذا ما أردته فعلاً ... نعم أيقن بذلك وأتمنى هذه المرة أن لا نخيب ظنك كما فعلنا من قبل .... أتمنى هذه المرة أن نثبت فعلا أننا كنا أبناء بارين وأن رسالتك وصلت أخيراً و نحن جديرون بحملها .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي