حكاية المخفيين قسريّاً

كتب
الأحد ، ١٧ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٥٧ صباحاً

 

المخفيون قسرياً يمثّلون أسوأ صورة للهمجية والخروج عن القانون.. إذا أردت أن تعرف ماذا تعني دولة العصابات وقطّاع الطرق فعليك أن تسأل عن وجود المخفيين قسرياً من عدمه، فهؤلاء هم درجة الهمجية القصوى وغياب القانون بل قتله، فقبل ما يُخطف الإنسان ويُخفى مكانه يكون القانون في الأساس قد اختُطف لصالح قانون القوة والغاب.. كانت الأجهزة الأمنية في الشطرين معروفاً دورها الرئيس وهو الإخفاء القسري وكان زوّار الفجر أونصف الليل هم بوابة هذا الاختفاء وبعدها لا حس ولاخبر, حيث يعيش المختفي في حالة رُعب وأكثر منه أهله وذووه الذين لايقول لهم أحد: أين ولدهم أو أخوهم أو أبوهم؟ فالمقصود هنا هو إرعاب الأسرة وإرعاب المجتمع، لأن هذا الإخفاء يمثّل عقوبة بحد ذاته.. ولهذا ُجل الإخفاء القسري من الجرائم ضد الإنسانية وكم من أناس تعرّضوا لهذا الانتهاك وإلى الآن لايعلمون هل صاحبهم حيّ أم ميت؟ وإن كان في الغالب يعتبرونه ميتاً.. وبحسب المنظمات المهتمة فإن كثيراً من الأُسر فاقدة لأحد أبنائها، لكن القلة من يتحدثون عنهم والبقية مازالوا مرعوبين وفي أذهانهم إن دولة القمع عائدة ويكفيهم من البلاء واحد إنها جريمة ضد الوطن والإنسانية وبحاجة إلى أن يُعامل هؤلاء ويبحث عنهم كقضية وطنية وطالما ونحن لدينا عدالة انتقالية فالأصل أن يُكشف عن المخفيين قسرياً في كل الأزمات والحروب وأولئك الذين أخفوا لأفكارهم ويفصح عن الجهة التي ارتكبت الجرم لكي يجري جبر الضرر ومعرفة الجريمة والمجرم والضحية ويُغلق هذا الباب الى الأبد في كل قضايانا الفردية والجماعية. 

الانتهاكات وأخذ الحقوق او الاختطاف أو القتل أو حتى الحروب العبثية كلها تستدعي شيئاً واحداً هو إيجاد دولة وقانون لايفصّل على شخص أو جماعة أو شلّة، كما نحتاج الى الشفافية والعلنية في التعاطي مع الحقوق.. المحاكمات السرية جريمة والاعتقالات السرية جريمة وحتى السجون خارج القانون التي تجري في منازل بعض المشائح والنافذين جريمة ضد الانسانية والمواطنة.. لابد أن نجرّم السرية في التعاطي مع الإنسان ولامبرر أبداً لمثل هذه الجرائم فالمجرم هو في النهاية إنسان له حقوق وعليه عقوبات واضحة في القانون، أما غير ذلك فهوالانتهاك الصارخ الذي يجب أن يُركز عليه سياسياً وإعلامياً. 

 المخفيون قسرياً يُتعامل معهم بالحوار اليوم سياسياً من أجل الابتزاز والضغط، كل طرف يضغط ضد الآخر وهذه أيضاً جريمة لاتقل عن الإخفاء نفسه, يجب أن نتعامل مع قضية المخفيين قسرياً كقضية حقوقية وانتهاك كما يجب أن نتعامل معها كقضية وطنية ورأي عام, من حق المجتمع أن يعرف الحقائق ومن واجب الإعلام والمنظمات أن تنشر الأسماء والصور والمعلومات والاجراءت التي تمنع تكرار هذه الجرائم، سواء الإخفاء السياسي في دهاليز الأجهزة الأمنية أو حتى السجن خارج القانون وتقييد الحرية في سجون المشائخ والنافذين وهي مهمة السياسيين والأحزاب والإعلام والمنظمات المدنية والحقوقية التي تُغرقنا في الندوات وورش العمل من أجل نثريات ومصاريف خاصة كما يرى البعض. 

[email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي