قلة احترام سعودي

كتب
الاربعاء ، ٢١ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ١٠:٣٣ مساءً
[caption id="attachment_157" align="alignleft" width="209" caption="عبدالله دوبلة"][/caption] عبدالله دوبله لا أدري ماذا قال الملك لصالح، في لقائهما الأثنين، غير أن اللقاء في حد ذاته وتوقيته يظهر قلة إحترام أبدته المملكة تجاه جيرانها في اليمن، ما كان ينبغي لها أن تفعله فيما كان مرتزقة "صالح" يرتكبون المجازر بحق المتظاهرين السلمين قبل يوم وفي ذات يوم "اللقاء".. حتى قبل ذلك كنت من أشد المدافعين عن أهمية الدور السعودي والحاجة إليه للخروج بحلول سلمية تضمن للبلد وحدته وأمنه وإستقراره من خلال المبادرة الخليجية لما للملكة من إحترام وثقل يمكن لها توظيفه لما يخدم مصلحتها أيضا في يمن مستقر وآمن وديمقراطي. بل كنت من أشد المفندين لنظرية المؤامرة السعودية على الثورة اليمنية، وقد وجدت في نص المبادرة الخليجية على خروج صالح من السلطة بموافقتها ودعمها،أمرا مشجعا في الخصوص. عندما كان يتهمها البعض بأن لها يد في دعم صالح في مراوغته في عدم تنفيذ المبادرة الخليجية والتوقيع عليها قبل "حادثة النهدين" بدون اتخاذ خطوات إقليمية ودولية للضغط عليه، اعتقد أنه كان لها دور في عدم حدوثه، كنت أبرر الأمر بأنه حكمة لعدم حشر "صالح" في زاوية لا تشجعه على الخروج السلمي من السلطة. عندما استضافته للعلاج رأيته موقفا إنسانيا وكريما لها لا يمكن أن تلام عليه، وعندما قيل أنها تمتنع عن الضغط عليه كونه جاءها مريضا للعلاج أكبرت ذلك ورأيته من نبل أخلاق المملكة. وحين بدأ "صالح" في الظهور الإعلامي مهددا ومتوعدا بمواجهة التحدي بتحدي من على أراضيها فيما كان أبنائه وأعوانه يواصلون القتل في المتظاهرين السلميين كنت أجد في عدم زيارة أي مسؤول سعودي له أو استقابله موقفا ضمنيا بأن المملكة حريصة على أن تظهر على مسافة واحدة من جميع الأطراف. غير أن لقاء الملك لصالح بعد يوم واحد من "مجزرة كنتاكي" وفيما كانت مستمرة في ذات اليوم، بدون أن تبدي المملكة موقفا حيال ذلك، بدى الأمر كآن المملكة تسفر عن وجها قبيحا لدعم "السفاح" في قتل شعبه. ربما يفسر البعض اللقاء بأنه لدعم الجهود السياسية لتحريك المبادرة الخليجية بالتزامن مع زيارة المسؤلين الخليجي والأممي "الزياني" و"بن عمر" إلى صنعاء، غير أنه يبدو تبريرا غير كافي حيث كان يمكن للمملكة أن تفعل ذلك بطريقة أخرى كاتصال أو لقاء بمسؤول أقل درجة، وتأجيل اللقاء بالملك إلى وقت آخر بسبب المجزرة. اللقاء في حد ذاته وتوقيته سيئ، وأن لا يتم الإشارة في الخبر الرسمي السعودي أن اللقاء تطرق لقتل المعتصمين السلميين كحدث راهن، وأن الملك دعا الحكومة اليمنية بأن تتحمل مسؤوليتها في حماية المتظاهرين كأقل ما كان يمكن قوله، أمر لا ينم إلا عن استخفاف وقلة احترام سعوديان لأرواح ودماء اليمنيين ومشاعرهم، ولا يمكن تبريره بشيء آخر. في مقال قبل أشهر عن دور المملكة بعنوان "جارتنا الكبيرة لا تكرهنا لكنها تعاني أيضا"، ذهبت فيه إلى أن المملكة ليست في موقفا عدائيا مبدئيا من الثورة اليمنية، وإنما _بسبب طبيعة نظامها العتيق ومشاكلها الداخلية وأدائاتها السياسية الماضية_ تحتاج لبعض الوقت لفهم التحولات الجديدة لبلورة رؤية جيدة للتعاطي معها، لكسر الجمود السياسي والانتقال بالمبادرة الخليجية لحيز التطبيق للنقل الآمن والسلمي للسلطة، لما فيه مصلحة اليمن ومصلحتها أيضا، غير أنها كما يبدو لم تفهم بعد، أو لا تريد. ربما يمكن الآن القبول بالتفسير القائل أن خروج المبادرة الخليجية بصيغة نقل السلطة بموافقة السعودية في بداية الثورة، بأنه موقف لحظي بفعل تأثير البدايات رجح كفة المؤيدين للتغييرمن صناع القرار السعودي الذي يمثله الأمير سلطان وحلفاءه من الأمراء أبناء "فيصل" سعود في الخارجية، وهو التحالف الأضعف الآن في المملكة. وأن التحالف الأقوى الذي يمثله الملك والأمير نائف وأبنه في الداخلية والأمير مقرن بن عبد العزيز في الإستخبارات، هو من بيده زمام المبادرة في المملكة وأنه هو من يدعم "صالح" الآن، مع ما أشيع عن دعمه له حتى منذ بدايات الثورة.. حيث نقل عن صالح نفسه أمام أعضاء حزبه في 22 مايو يوم توقيع المبادرة لخليجية ناقصا توقيعه، بأن قال أن الملك شخصيا يدعمه لعدم التوقيع. ربما يدعم الرواية حضور الأمير "مقرن" اللقاء الأخير وغياب سعود الفيصل وزير الخارجية المفترض أنه يكون بيده مثل هذه الملفات. شخصيا لا أرغب أن أرى الثورة اليمنية من منظور صراع جناحين في المملكة يمتحنان قوتهما ونفوذهما في اليمن، إن كان، فهو أمر كارثي ومدمر، لا يمكنني ترجيحه الآن. وأرجو أن تكون مجرد توهمات لا أكثر. لا زال يمكن للمملكة _رغم اللقاء السيء_ أن تفند ذلك، وأن تثبت أنها لاتزال ملتزمة بموقفها المعلن في المبادرة الخليجة بأن تعمل على التسريع في تنفيذها وقد تماثل ضيفها "المريض" للشفاء، على إعتبار أنه كان المبرر لتدخل العملية السياسية في الجمود الماضي، وليس شيئا آخر. لا أحد يرغب في اتخاذ المملكة عدوا، ولا زلت أؤمن باهميتها والحاجة لدورها في تحقيق انتقال آمن وسلس للسلطة، يجنب البلد شبح الحرب الأهلية، كمصلحة وطنية وأقليمية ودولية تهم وتعني المملكة أيضا..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي