عن الهدف من «العزل السياسي»

كتب
الخميس ، ١٩ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠١:٠٤ صباحاً

 

إن أخطر شيء على الثورات هو تزاحم البرامج الثائرة مع تلك التي قامت الثورة ضدها ...إن الثورة بعد قيامها تصبح قيمة للجميع وبرامجها يجب أن تكون ثورية ولو تعددت، بعيداً عن شعار «عفواً يارئيس وآسفين يا باشا»..تعليقاً على مقال أمس «العزل السياسي» رأى البعض إن ترديد مثل هذا القول ينم عن رغبة إقصائية، والحقيقة غير ذلك تماماً فـ«العزل السياسي» الذي يأتي كمتطلب كل ثورة؛ هو صورة من صور التغيير الناعم الذي يأتي بديلاً عن الاجتثاث الخشن المصاحب للثورات والهدف منه هو دمج المجتمعات وإخراجها من صراع الماضي الذي لو بقي سيأكل الأخضر واليابس ويحوّل اليوم أسوأ من أمس؛ وهذه هي أمنيات كل الحكام الساقطين بفعل غضب شعوبهم، ما بالك عندما يكونون لاعبين أساسيين في المشهد السياسي، فإنهم لن يفعلوا شيئاً سوى الانتقام من الحاضر والمستقبل لأنهم يرون المستقبل الجميل خصماً لهم وعدواً يجب كسر رجليه ويديه وصولاً إلى الرأس والقلب؛ ولهذا فإن بقاء هذا الوضع هو نوع من الغباء والانتحار السياسي ومن أكبر المغالطات التاريخية، لأن القوة القديمة وخصوصاً القابعة في رأس السلطة منذ عقود تعجز تماماً عن الاندماج ولا تعرف بل لا تستطيع العمل مع الآخرين لأنها لا تعرف الشراكة ولا معنى للمواطنة المتساوية.. تعودت على الاستئثار وتتعامل مع الآخرين على أنهم أعداء للوطن بل إن الوطن بدونهم هو كتلة من شر محض، فتستغل المال المنهوب والأدوات والوضع المتاح و«الحصانات» لوضع العراقيل وتخريب الطريق وتشويه الحاضر لإقناع الناس بأن أمس أحسن من اليوم وأن الليل أفضل من النهار، مع أن الحقيقة أن الأمس ما زال جاثماً بركبه وكرشه الثخينة والكريهة والليل مقطباً في وجه الفجر..  

عندما نتحدث عن فكرة «العزل السياسي» لا نتحدث عن القوى والأحزاب والكيانات الوطنية فهذه جزء من الوطن ومن أجلها يتم العزل وتنقية الأجواء حتى يأتي الآخرون من كل القوى ليتعايشوا بدون عقد ويتعاونوا بدون شكوك ممن لم يتعودوا على أكل الأبيض والأحمر.. إن «العزل السياسي» ولو من دورة واحدة هي فكرة صائبة وضامنة للانتقال الآمن نحو التغيير للأفضل و لما يعزل مائة شخص أو خمسمائة أو حتى ألفاً لن يضيرهم شيئاً خاصة وقد أخذوا الكثير، بعد أن مكثت على رأس السلطة والثروة تحلب «بقري» الوطن عقوداً حتى الموت، وهي ستتم بمعايير محددة وستشمل الكثير وسيكونون من كل القوى ولا يعني شمول «العزل» أن كلهم فاسدون لكنها الضريبة التي تدفع من أجل الوطن، والوطن أولى من الأشخاص والأشخاص هؤلاء مش «مودفين» فقط نريدهم أن يستريحوا ليستريح الوطن، وأكثر من ذلك هو الابتعاد عن الاشتغال بالشأن السياسي فيما يخص الرئيس السابق وحاشيته ..مقابل الحصانة وسلامة الصدر واستقرار الوطن وربما تكون أهم منجز حقيقي سيحسب له لو فعلها بطيبة نفس وبدون «إخراج الخُبر» لأنه عندما يعمل في السياسة فلن يتحرك إلا بدافع الانتقام من الحاضر والمستقبل لصالح الماضي وتلميعه وهو لا يعني إلا السير في دروب إهلاك الوطن والبقاء في دوامة تدمير المنشآت وضرب الكهرباء وتقويض الأمن وإشاعة الفوضى...ولا أدري هل كان الرعاة الخارجيون قاصدين إبقاء هذا الوضع المشكل بقصد الابتزاز الدائم ووضع مسمار جحا في غرفة قيادة اليمن كمبرر لتدخلاتهم كلما أرادوا أن يعبثوا .... 

 

[email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي