عندما نصادر القيم.. نموت..!!

كتب
الاثنين ، ٣٠ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٢٤ مساءً

 

تنحصر مشكلة الحضارة الإنسانية في الأنانية الفردية التي تتوسّع إذا توسّعت إلى الأنانية الأسرية أو القبلية أو الحزبية أو الجِهوية. 

تعتمد الأنانية على القوة الباطشة والظلم كوسيلة شرعية لفرض المصلحة والإرادة الفردية أو الجِهوية على حساب المجموع الشعبي؛ ومن ثم جاءت تنظيرات الفرد المستحق للانحناء والتضحية من أجله والأسرة الأولى والأصل العريق والسلالة الأنقى؛ وهي فكرة كانت موجودة عند كل الأمم؛ ظهرب بجلاء عند «هتلر» وتفضيل العرق «الآري» الذي قال إنه الأفضل والأذكى، فكرة جاءت كردة فعلٍ على فكرة «شعب الله المختار» عند اليهود. 

 ولو كان هتلر قد انتصر عالمياً لوجدنا الجنس «الآري» اليوم مقدّساً، ولوجدنا من ينظر إلى هذا الأفضلية تاريخياً؛ بل جينياً ونفسياً ودينياً ولها أتباع..!!. 

 الأمر يتعلّق بالطغيان الإنساني الذي ينشأ من احترام القوة على حساب الحق، وهذا يصنعه الناس والأنانية التي لا ترى إلا مصلحتها التي تقوم على تقديم عامل المصلحة الخاصة والحقد والانتقام كمحرّك مصاحب على حساب الحرية والمساواة.    

وستجد هنا من يدعو إلى الإضرار بحريته من أجل إغاظة ابن عمّه، ويقف مع الظلم، ليس لأنه مقتنع أن الظلم عدل، بل هو يدرك أنه ظلم؛ لكنه يعتبره عدلاً طالما وهو على رأس جاره الذي دخل معه في نزاع على مجرى الماء قبل سنتين، وبقي مشروع حياته كيف ينتقم حتى على حساب نُصرة الظالم والمصلحة العامة..!!. 

فالأنانية تقوم على تدمير المصلحة العامة والحريات العامة، وتمكين الطغيان الذي سيعود غداً على رأسه بمساعدة جاره الذي ساعد على ظُلمه اليوم. 

 يقهر الزعيم دولة وشعباً؛ أو حتى «عاقل قرية» يستعبد الناس بقوة الانتقام المتبادل الذي يحرّك الناس على أمور تافهة تضعف المجتمع بالخلطٍ بين ما هو عام وخاص، فالأنانية الصغيرة تصنع مجتمعاً صغيراً. 

الأمم الحضارية لم تتقدّم إلا عندما تخلّصت من أنانيتها وعملت فاصلاً بين نُصرة قضاياها العامة وقيمها الإنسانية ورغباتها الخاصة وأنانيتها الفردية، وتعاملت مع الحرية ككيان منفصل وقيمة محترمة بحد ذاتها؛ لا تشخصن ولا تقزّم ولا تلوّن؛ مثلاً التزوير في الانتخابات هو اعتداء على كرامة الأمة، فإذا ما قام به فرد ينتفض ضده الجميع ولو كانوا أقرب مؤيديه. 

نحن ننقسم إلى فريقين؛ فإذا زوّر صاحبي؛ اعتبرتُ التزوير بطولة ودافعتُ عنه، وإذا كان من الآخر صرختّ واعتبرته مدمّراً..!!. 

 وعندما يختلف الناس على تشخيص القيم ذاتها وتوصيفها بحسب المصلحة؛ يكون مجتمعاً فاسداً لا يستحق العيش الكريم، ولن يخرج من دائرة الذُل والتخلُّف طالما أن لديه قابلية التعايش مع قيم الكذب والفساد والدفاع عنها دون خجل. 

 نحن بحاجة إلى تحرير أنفسنا من قيم الظلم والعبودية ورفض التعايش معها تحت أي ظرف، فعندما نصادر القيم لحسابنا الخاص؛ نموت كأمة ولن نصعد سلّم الحضارة أبداً. 

 

[email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي