ضحايا.. ولجـان تحقيق

كتب
الخميس ، ٢٩ أغسطس ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٢٨ صباحاً

بقلم- منال الأديمي :
هو الموت وحده مازال يلف سماء وأرض البلدان العربية وعواصم الربيع تحديداً، وصنعاء مثلها مثل عواصم الربيع ترقب زيارة ذاك النهم أرواحاً وأشلاء من حين إلى آخر، ومرة أخرى تستهدف «الجوية» وأفرادها، وهذه المرة على الأرض وليس في السماء كما جرت العادة وبعبوة ناسفة راح ضحيتها أفراد من خيرة أفراد «الجوية» ليبقى السؤال: لماذا «الجوية» وبهذه الشراسة والتواتر..؟!.
هل هو ثأر من انتفاضة أفرادها ضد قيادتهم السابقة، أم أنه استهداف يضمن لروح الحرب الخراب في هذا البلد استبعاد الجوية من الصراع القادم فـ«القاعدة» تقول: من يملك الجو وحده يملك فرصة التفوّق والحسم.
حادث يليه حادث, وقتلى يلحقون بقتلى, ومراسم موت, ودفن صامتة لحقيقة وتفاصيل مقتلهم ومن كان وراء تلك الحوادث والجرائم, تلت تلك الجرائم بيانات عزاء ومواساة لأهالي موجوعين يبحثون بحرقة عن اسم فقط يظهر للعلن يصبّوا عليه عظيم حزنهم, ولينقلوا راحة القصاص لاحقاً لأرواح مازالت هائمة قهراً وظلماً..!!.
كالعادة تلت تلك الحوادث قرارات باهتة لا طعم لها أو لون تقضي فقط بتشكيل «لجنة تحقيق» ولجنة تليها لجنة، وحتى اللحظة لم نسمع بعد بنتائج ظهرت إلى العلن تفضح منفّذي تلك الجرائم البشعة ومن يقف وراءهم.
في الحقيقة لو أننا أحصينا عدد لجان التحقيق المشكّلة منذ أحداث ثورة فبراير فقط لدخلنا بها موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية, ولو أحصينا نفقات بدل لجان التحقيق المالية لتكشف لنا أنه كان من الأفضل على الصعيد العملي مواساة أسر الضحايا لتلك الجرائم بسكن ومأوى والذين ينشغل معظمهم في قسوة الفقد والظروف المعيشية الصعبة والخانقة في هذا البلد عن مهمة البحث عن حقيقة ما جرى ومتابعة سير تحقيقات تلك اللجان الغامضة.
التوجيه الرسمي الأخير بتشكيل «بدل لجنة تحقيق» أقصد لجنة تحقيق جعلني أتساءل: ترى هل هناك من لم يسمع بشيء مثلي عن نتائج لجان التحقيق السابقة في حوادث سقوط الطائرات مثلاً..؟!.
ولمَ العجلة، فالحوادث لم يمض بعد عليها العام، ولربما التحقيقات مازالت جارية على قدم وساق، ولم تنتهِ؛ لكن ماذا لو عدنا إلى الوراء أكثر ولنسأل مثلاً عن مصير النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق المكلّفة بتفجير «ميدان السبعين» فعلى الرغم من مُضي فترة زمنية كافية لم نسمع حتى اللحظة بشيء من نتائج تلك التحقيقات التي لا تغادر مطلقاً أدراج الكذب واللامبالاة والاستهتار بمواطن شغلته الجهات الرسمية بالجري وراء الضروريات، والحقيقة في هذا البلد من الكماليات التي لا يحلم بها مطلقاً.
كم هو مؤلم وموجع أن تتناثر أشلاؤك على أرصفة الخديعة والنفاق, ولا تجد لك من مواساة وعزاء رسمي «إلا صرف بدل تحقيق» وبعض التنديد الشعبي والموقت بلحظات لا ترقى إلى حجم خسارتك وفقدك..؟!.
الإرهاب والإجرام لن يتوقفا في حق هذا الوطن أرضاً وبشراً؛ لأن زعماءه ببساطه مازالوا طلقاء ممسكين بصكوك العفو وخيوط اللعب, الإرهاب والإجرام لن يتوقفا لأن دماءنا ـ وببساطة ـ كانت وستظل رخيصة لدى من منحوا تلك الصكوك.
فهل بإمكانهم اليوم وقف نزيف دمنا الدائم، ومحاسبة المتورطين، أم أن الأمور لن تتجاوز المقدرة على تشكيل لجان، ولجان فقط..؟!.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي