آن الأوان أن يتخطى اليمنيون ما حدث في مصر

كتب
الخميس ، ١٨ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٠٨ صباحاً

 

أظن ، وليس كل الظن إثم ، أنه آن الأوان أن يتخطى اليمنيون ما حدث في مصر ويهتموا بما يجري في اليمن . لا أدعو إلى تجاهل ما حدث هناك ولكن من الخطأ أن يتعمق الإنقسام إلى تلك الدرجة التي نبدو فيها وكأننا بلد ملحق بالآخرين.. دأب اليمنيون على إدمان التعصب والإنقسام بشأن الأحداث التي تجري في أماكن أخرى حتى يبدون وكأنهم قد أنهكوا أجسادهم وأرواحهم لدرجة لا تمكنهم من التفكير السليم في ما يجري في بلدهم . لدينا من الهموم ما يكفي لإغراق هذه البلدان مجتمعة فيما هو أكبر مما تمر له من هموم ومشكلات ..

 

مصر عزيزة علينا ، ولا أعتقد أن مخزون الحب الذي يحمله جيلنا لمصر قد تأثر بفعل الزمن .. كان الواحد منا يغادر بيته متجها إلى مصر وليس معه من حطام الدنيا غير دعوة الأم وربطة تمباك غيلي ..تفتح له مصر ذراعيها فيدرس ويتأهل ويتخرج في جامعاتها ومعاهدها . لا أتحدث عن مصر النخب السياسية { عبد الناصر هو الاستثناء الوحيد } ولكن عن مصر : الفلاحين في حقولهم ومصاطبهم المراكبية يذرعون النيل بقواربهم مع أصوات الناي آلة التصالح التاريخي مع النيل منذ الفراعنة ، عمال المحلة وطرة البلد والدرفلة وحديد حلوان ، جامعات القاهرة والأزهر وعين شمس والإسكندرية وأسيوط ، مصر الجامع الأزهر والحسين وجامع إبن طولونن ..والقلعة ، مصر صلاح جاهين وصلاح عبد الصبور وأحمد فؤاد نجم وأحمد بهاء الدين .. مصر عبد الرحمن الأبنودي وعبد الحليم حافظ [ عدى النهار والمغربية جاية تتخفى ورا غصن الشجر ، وعشان نتوه في السكة شالت من ليالينا القمر ]، أم كلثوم [ لسه فاكر قلبي بيدي لك أمان ] مصر ابراهيم ناجي [ يا فؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحا من خيال فهوى ] ، شادية الصوت القادم من عمق الريف المصري [ والله يا زمن لا بأيدينا زرعنا الشوك وروينا يازمن ] ، مصر بين القصرين وقصر الشوق ، سيد درويش، وسيد مكاوي والشيخ إمام ، مسرح البالون ، مصر الأيام وحديث الأربعاء وزينب ودعاء الكروان ويوميات نائب في الأرياف .. بسطاء إمبابة وميت عقبة والسيدة وروض الفرج ومحطة الرمل والعجوزة وشيل الله يا سيد يا بدوي .. الجندي الذي دافع عن بور سعيد وجاء إلى اليمن وغادرها بمشاعر متناقضة.

مصر عم متولي صاحب كشك التمباك الغيلي ، اول ما تحط رجلك في مصر لازم تزوره والربطة معك علشان تفتح أول نافذة للحياة ، ثم تتكرر الزيارات : التبغ ده غيلي ، ايوه غيلي ، تحلف ؟ أحلف على حاجة تافهة زي دي ..طيب خلاص ناخده بناقص جنيه ، هو ثمن الحلفان جنيه يا عم متولي الحلفان اليومين دول على قفا من يشيل . مصر البسيطة يخرج منها جيل عصي على الكسر ..وقادر على تقرير مستقبله.

*من صفحته على "الفيسبوك"

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي