مذبحة الفجر!

كتب
الخميس ، ١١ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٠٤ صباحاً

 

جريمة بشعة ومروعة على غرار جمعة الكرامة في اليمن نفذتها عناصر من قوات الحرس المصري بحق المعتصمين السلميين المؤيدين للرئيس المنتخب محمد مرسي, أسفرت عن سقوط أكثر من 80 شهيداً ومايربوا على ألف جريح, وهو ما يعني بوضوح أن الجيش المصري إنحرف بوظيفته الأساسية وخرج عن مهامه الوطنية والدستورية ليتحول إلى آلة قمع وبطش بأيدي شلة الإنقلاب التي تريد, عبر العنف وبحر الدماء, تكريس سطوة العسكر وهيمنة الجيش كواقع بديل للشرعية الدستورية والديمقراطية.

 

في ظرف يومين فقط من الإنقلاب الغادر وحكم العسكر سالت الدماء غزيرة وسقط مئات الجرحى والشهداء من المواطنين الأبرياء المطالبين بالشرعية, إرضاء لنزوات القادة وغرور الخصوم السياسيين الذين تجردوا من أخلاقيات الممارسة السياسية, وتحولوا بين عشية وضحاها من حماة للحرية والديمقراطية والدولة المدنية إلى شركاء في جريمة وأدها.

 

وتبرهن التجارب بأن تدخل العسكر في الحياة السياسية يفسدها, من حيث أنه يذكي الصراعات المجتمعية بانحيازه إلى طرف دون آخر, إذ ليس من مهمة الجيش فرض خياراته أو أن يكون طرفاً في الصراع وأداة طيعة بيد البعض, بل مهمته الأساسية حماية خيارات الشعب والحيلولة دون مصادرتها أو التلاعب بها.

 

لقد ظلت الإحتجاجات والاعتصامات وأعمال الشغب والفوضى وإقلاق الأمن والسكينة العامة والإعتداءات على المؤسسات العامة والخاصة متواصلة طيلة العام الذي حكم فيه الرئيس مرسي, ومع ذلك لم يأمر باعتقال أحد ولم يستخدم القوة ضد أحد, حتى عندما تجاوز المتظاهرون أسوار قصر الاتحادية حيث يقبع الرئيس نفسه.

 

وبرغم كل البذاءات التي تعرض لها الرجل من قبل إعلام الثورة المضادة بما فيه الإعلام الرسمي وبلاطجة الإنقاذ, لم يأمر مرسي بإغلاق قناة واحدة أو حبس صحفي واحد, بخلاف العسكر وحلفائهم من القوى المدنية, الذين بمجرد أن قاموا بإنقلابهم العسكري على الرئيس ووضعوا أيديهم على السلطة باشروا على الفور بقمع الحريات وتكميم الأفواه وإرهاب المناوئين, حتى وصل بهم الحال حد سفك الدماء وترويع الآمنين في صلاة الفجر وقتلهم في مجزرة وحشية تختنق في وصفها العبرات.

 

وقد خرج علينا بعدها متحدثوا الجيش والشرطة المصرية ليقولوا أنهم كانوا في مهمة تأمين المتظاهرين في الميادين, استشعاراً منهم لمسئوليتهم الوطنية! فأية وطنية هذه التي تسفك دماء الشعب وتسترخصه إلى هذا الحد؟ ولماذا يجمح الجيش صوب هذا الفعل المجرّم شرعاً وعرفاً وقانوناً, ولمصلحة من يرتكب تلك المجزرة البشرية البشعة؟

 

كان الأحرى بالثورة المصرية أن تباشر فوراً إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتطهيرها من أولئك الذين لا يُقدّرون جسامة المسئولية الوطنية الملقاة على عاتقهم وعاتق الجيش, ولا يحترمون شرف مهنتهم العسكرية, غير مدركين أن ما يقومون به من إقحام الجيش في الصراع السياسي يُلهب الأوضاع ويزيدها اشتعالاً ويسدّ أفق الحل. ولو كان هؤلاء العسكر واعون لمسئوليتهم الوطنية في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي المصري واحترام المشروعية الدستورية وإرادة الناخبين, لما تورطوا في جريمة قتل مواطنيهم بدم بارد, ولما جعلوا منهم قرابين رخيصة إرضاء لقوى متربصة في الداخل والخارج تظنّ أن بوسعها شراء كل شيء, بما في ذلك ثورة الشعب.

 

إن اللجؤ إلى سياسة البطش والإنقلابات العسكرية, في زمن الديمقراطيات, كوسيلة لحل الخلافات السياسية هو أمر مستهجن ومرفوض, وينبغي على كل قوى المجتمع المدني التصدي له بكل حزم, كونها ستكون الضحية القادمة لعنف وقمع العسكر في حال ظلت صامته على إنتهاكاتهم وتدخلاتهم الصارخة في الشأن السياسي.

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي