قطر وحمَد وتَميم

كتب
الجمعة ، ٢٨ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٢٤ صباحاً

 

 

الشَّيخ/حمَد حين اعتلى السُلطة في قطر عـام "1995" أثار جدلاً واسعاً في أسلوب اعتلائه لها وفي منهجه السياسي الصارخ الذي اتبعه على المستَويين الداخلي والخارجي.. أثار جدلاً واسعاً في كيفية تعاطيه وفهمه للقضايا العربية ورؤاه في أنماط الحلول المُناسبة لها.. ما من صغيرةٍ ولا كبيرةٍ أو شاردةٍ وواردةٍ في الوطن العربي وهي في إطـار المُمكن السياسي أو الاجتماعي إلا ولهُ بصمةٌ فيها أثارت إعجاب أطراف وحنَق آخرين والَّلغط في قلوب بعضٍ من المُقربين.. وأصبح لِقطر دورها العربي والإقليمي والدُّولي ولها حضورها الفاعل على كُل المُستويات وبيدها ملفات مُعظم القضايا المتداولة في الوسط العربي, وبذلك فاق دورها السياسي حجمها الجغرافي والديموغرافي, ما أكسبها احترام أعدائها ومحبة مُعظم الشعوب العربية لها..

ومهما كانت الآراء التي قد تختلف في تقييم وضع قطر التاريخي, إلا أنَّ الثابت الوحيد الذي لا يُمكن أن يختلف عليها اثنان: أنَّ قطر وشيخها حمَد ايقظا العقل السياسي العربي من رُقاده وساهما في صياغة وعي عربي شعبي أجبر النُّخب السياسية على تغيير علاقاتها بشعوبها واحترامها لها ومراعاة حقوقها الإنسانية, وفَتحت للنُّخب المُثـقـفة على اختلاف مشاربها منابر إعلاميه تُعبِّر من خلالها عن أفكارها دون خوفٍ على حياتها أو وجلٍ من تبِعات أفكارها, ولا أعتقد أن أحداً ما قد يتجاهل الدور الإيجابي لقناة "الجزيرة" في إعادة صياغة مفهوم العقل العربي كمُحتوى وأداة لخلق الأفكار.. 

لقد كان للشيح حَمد دورهُ التاريخي في إيجاد ثورة عربية شاملة على المستويين السياسي والفكري, وأعتقد أنَّ دورهُ التاريخي "كـزعيم سياسي" قد تم تتويجه بروعةٍ وذكاء وهو في قمة مجده بتسليمه السُلطة للشيخ/ تميم تسليم القادر لا تسليم العاجز الملجأ, ولَعمري أن هذا هو المجدُ بعينه الذي بمثله يُدونه التاريخ بأحرف مـن نور, وفي نفس الوقت قصَد أنَّ يُكمل هذا الشاب ما بدأه, استكمال مسيرة التغيير العربي الشامل, تغيير العقل بتسخير المادة له وحمايته حتى يشتَد ويفـز مِن عثرته, وما تسليم السُلطة إلا تغييراً ترتضيه الأجيال القطرية ويحترمه التاريخ ويضرب بذلك مثلاً حياً أن السُلطة ماهي إلا مشروع في سياق اجتماعي يُقيم تاريخيا كجهد وطاقة حيوية للنظام السياسي وأنَّ من يظن أنه سيستمر مُتربعاً على هرم السلطة دون تدهور قَسري لهُ بعَاملي الزمن وتماهي الأجيال, فهو غبي أو على أقل تقدير لم يَعِ حقيقة ماهية السُلطة ونظامها الذاتي.. 

وبقراره تسليم السُلطة يكون الشيخ/ حمَد قد تماشى مع واقعه ومع السُنن الكونية التي يتغافل عنها الكثيرون من الحُكَّام العرب وما على الشيخ/ تميم إلا استيعاب درس والده واستلهام العِبر والعظات منه واستكمال مسيرتهُ في بناء وتغيير العقل العربي والوقوف بإخلاص مع طبيعة القضايا العربية.. وفي تصوري أن مشروع قـطـر الغائي لا يُمكن أن يكتمل إلا بواسطة الوحدة العربية الشاملة واعتقد أنَّ هذا هو الدور المُؤمل من أميرها " تميم" أن يُساهم في إنجازه في الآتي من الأيام. 

من الأعماق أهنئ الشيخ/ حمَد على هذا التتويج الرائع لمسيرتهِ السياسية.. وأدعو الله ضارعاً أن يُوفقَ "تميم قطـر" إلى مـا يُحبه ويرضاه. 

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي