الشيخ حمد هامة شامخة في زمن الاقزام

كتب
الجمعة ، ٢٨ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٠٥ صباحاً

 

 ليس من السهل ان يتنازل  الانسان طواعية عما ألفه وتعود عليه حتى لأقرب المقربين اليه ، وخاصة الحكم ، وهناك من الشواهد الكثير عبر التاريخ ، فلا يخفى على احد قصة الاخوين الامين والمأمون إبني الخليفة العباسي هارون الرشيد الذين تقاتلا على الحكم ، وفي عصر الحديث الإمام احمد بن يحي حميد الدين وإخوانه الذين قتلهم بسبب الصراع على الملك في اليمن وغيرهم  وغيرهم ،  وكذلك انقلاب الأبناء على الاباء ... وها نحن اليوم نشهد ونشاهد موقفاً مغامراً لهذه المواقف .. مشهداً مؤثراً يشعر المرء فيه بإنتصار الانسان على ذاته وشهوته وخاصة في وطننا العربي الذي عودنا الحكام ان يبقوا على كراسي الحكم حتى اخر نفس في حياتهم ، حتى إن البعض منهم وصل الى العجز التام وعدم الحركة ولم يترك الكرسي رغم الحالة الصحيةالتى وصل اليها ، واصبح  يخدم كما يخدم الطفل بالتخلمن فضلاته ... ولكن ما شاهدناه اليوم في قطر الحب والعطاء مخالفاً لكل هذه المشاهد وسجل امير قطر سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني موقفا استثنائياً على مستوى الوطن العربي كله فسلم الحكم لولي عهده سمو الامير تميم بن حمد آل ثاني طواعية و هو في كمال عقله وقوته البديه والسياسية..

      موقف يستحق الاشادة والإعجاب ، اقدم عليه هذا الامير الاستثنائي في لحظة تاريخية واسمه ومواقفه تملاءالسمع والبصر في مشارق الارض ومغاربها بسبب مواقفه الرائعة والشجاعة ليس على مستوى قطر فحسب والتى نقلها اثناء فترة حكمه الى رحاب اوسع وبؤها مكانة عالية بين الدول ورفع اسمها عالياً بين الدول ، فأصبح اهل الكرة الأرضية في كل الأصقاع يعرفون إسم قطر ودورها الرائد رغم صغر حجمها على الخارطة ، ففي عهده اصبحت كبيرة في معناها وفى الأدوار الكبيرة تلعبها ، بينما هناك دول كبيرة في مساحتها و ثرواتها  ولكنها عقيمة العطاء عديمة السمعة بسبب عقم سياساتها، وكان للأمير الشيخ حمد بن خليفه آل ثاني الدور البارز في تأييد ثورات الربيع العربي التى انحاز لها احتراما لإرادة الشعوب في تقرير مصيرها ، وكانت مواقفه واضحة وصريحة فلم يداهن ولم يمسك بالعصى من الوسط ،  غير مبال بردود الأفعال التى أغضبت هؤلاء الحكام الدكتاتوريين الذين تجبروا على شعوبهم واستأثروا بالسلطة والثروة ، وأساؤوا لشعوبهم، وتوج موقفه من ثورات الربيع العربي اليوم بهذا الموقف الرائع  بتنازله عن السلطة طواعية لولي عهده ليعطى درساً عملياً للحكام بأن موقفه لم يكن مكايده لهم ولكن موقفاً مبدئيا ، فهو مع التغيير ومع ضرورة تسليم السلطة لجيل الشباب وان ما أيده في هذه الدول التى خرجت شعوبها  على حكامها تواقة للتغيير نفذه عملياً في وطنه وعلى نفسه ، حتى لا ينطبق عليه قول الشاعر:

 لا تنهى عن خلق وتأتى بمثله ... عار عليك اذا فعلت عظيم 

قد يقول قائل هو تنازل لابنه ولم يتنازل لشخص اخر ! فأقول لمثل هؤلاء ألم يكن للحكام الاخرين ابناء وكأن بعضهم  أبناءهم أوليا عهودهم ؟ فلماذا لم يسلموا لهم الحكم وهم أحيا ؟ اما الرؤساء الذين عمدوا للتهيئة لتوريث ابنائهم لم يكن في خلدهم التسليم للابناء اثناء حياتهم ولكن بعد عمر طويل على ان يرث اولادهم الحكم بعد وفاتهم رغم انها جمهوريات ويدعون الديمقراطية ويرفعون شعار التبادل السلمي للسلطة ...

وقد يقول قائل الشيخ حمد قام بأنقلاب على ابيه وهذا صحيح ، ولكنهم نظروا لهذه القضية بسطحية ولم يغوصوا  فى الاسباب التى جعلته يقوم بذلك ، فالانقلاب الابيض على والده لم يكن بدافع الحرص على الكرسي ولكن الأسباب كانت تحتم عليه القيام بذلك حرصاً على قطر ومستقبله ، فكان مكرها على هذه الخطوة وكان بين خيارين أحلامها مر ، ففضل مصلحة الوطن عن كل المصالح الاخرى ،  وخطوة اليوم بتنازله عن السلطة اكبر دليل  عن ان هذا الرجل لم يكن يبحث عنها ، بقدر ماكان مجبراً على ذلك .

وانا احد من عاش في دولة قطر لفترة  طويلة درست فيها مختلف مراحل دراستى الثانويه والجامعة ودراسات عليا ووجدت فى هذه الدولة المعطاءة مثلي مثل إخواني ابناء الجالية اليمنية كل الرعاية والتكريم ، ومن كانوا يمارسون أعمالهم في النهار فتحت لهم المدارس المسائية لإكمال دراستهم ووفرت لهم المناهج والمدرسين والمواصلات من والى اماكن إقامتهم ، وفتحت لهم الدراسة الجامعية مجاناً ، فلا نكاد نجد مغترب يمني لا يحمل شهادة الثانوية العامه كأقل تقدير .. والكل كان يتحدث عن طيبة وسماحة الشيخ حمد بن خليفة التي يمتاز بها عن سائر المشائخ رغم طيبة الجميع ، والذي كان ولياً للعهد في ذلك الوقت ، تحيه للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الثائر و الهامة الشامخة في زمن الاقزام الذي دائماً يفاجئ الجميع بمواقف كبيرة وغير مألوفة في البيئية المحيطة به من الوطن العربي ، متمنين له الصحة وطول العمر .. وتحية لقطر ارضا وانساناً التى تعلمت منها معنى الحب والتسامح والعطاء . 

مع التمنيات والدعوات الصادقة لأمير قطر الجديد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالتوفيق والسداد وان يكون خير خلف لخير سلف ، ولقطر الرفعة والرقي في مصاف الدول المتقدمة ، وللشعب القطري الشقيق الرفادة والامن والاستقرار.

 *عضو مجلس النواب

الحجر الصحفي في زمن الحوثي