عندما تتحول الوحدة إلى ورقة للابتزاز !!

كتب
الأحد ، ٠٩ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٣ صباحاً

 

 

 

مهما تكن دوافع وأهداف من يسعون إلى افتعال (صراع هوياتي) عبر تقسيم مكونات المجتمع اليمني إلى مكونين (شمال وجنوب) فإن هناك حاجة اليوم إلى تذكير هؤلاء سواء كانوا من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني أو من المقاطعين له أو في عداد من يتاجرون بالقضية الجنوبية في الخارج بأن محاولة اللعب بورقة الهوية لم تنجح في أحلك المراحل التاريخية التي مرت بها اليمن. 

فقد فشل الاحتلال البريطاني على مدى 128 عاماً في الجنوب وبالمثل أيضاً أئمة الملكية في الشمال في كل محاولاتهما الرامية إلى خلخلة اعتزاز اليمنيين بهويتهم وانتمائهم الوطني فقد قاوموا كل المشاريع التفتيتية والتجزيئية وأسقطوها واحداً تلو الآخر ومن ذلك مشروع اتحاد الجنوب العربي ـ الذى حاول الاحتلال البريطاني أن يستنبت له أذناباً وذيولاً لزرع الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ـ فلم يفلح الاحتلال ولا الإمامة في إحداث شرخ في الهوية الوطنية لهذا الشعب حتى اندحرا وتركا اليمن لأهله. 

لقد فتحت أبواب الحوار على مصراعيها أمام كافة القوى والتيارات اليمنية لتتناقش في جميع القضايا بعيداً عن أية سقوف أو خطوط حمراء وقد شكلت هذه العملية محطة أملا لليمنيين الذين أرهقتهم الصراعات السياسية وأتعبتهم الانقسامات والخلافات وما عانوه بسببها من الويلات والكوارث والمحن.. ومن ذلك الأمل فقد كانت غاية كل اليمنيين هي أن يترفع المتحاورون فوق مستوى خلافاتهم المزمنة وانقساماتهم المدمرة ويغلبون مصالح البلاد والعباد على مصالحهم الذاتية وانتماءاتهم الجهوية وحساباتهم السياسية والحزبية ومع ذلك فليس كل ما يتمناه المرء يدركه, فقد وجدنا هناك من جاء إلى الحوار بقناعات مسبقة إلى درجة صاروا فيها لا يرون الحق إلا فيما يقولونه ولا الحقيقة الا فيما يطرحونه, فكان من بعضهم ما نسمعه وما نقرأه ونعيشه من استخفاف واستهتار فيما يعتبره كثير من أبناء هذا الشعب جزءاً من تاريخهم ونضالهم أو حتى من عقيدتهم فقد خرج عليهم من يشكك بهوية الجنوب اليمنية ومن يطالب بنصوص دستورية واضحة تشرعن لتقاسم مناصب الدولة (بالمناصفة) بين الشمال والجنوب.. ومن يدعو إلى إعادة الاعتبار للخصوصية الثقافية لأبناء الجنوب.. ومن يربط حل القضية الجنوبية بتقرير المصير.. ومن يدق آخر مسمار في نعش الوحدة.. ومن يمارس لعبة الابتزاز بهدف الحصول على بعض الامتيازات غير مشروعة. 

وللمثال على ذلك فقد دخل أحمد بن فريد الصريمة, الحوار مدفوعاً بمنطق الكسب في المغنم وحينما علم بصعوبة تعيينه كنائب لرئيس الجمهورية وأن ذلك فيه خرق للمبادرة الخليجية والتقاليد السياسية المرعية في العمل الحكومي – بوصفه يحمل الجنسية العمانية- غادر قاعة الحوار إلى فضاء الإعلام لتحريض الجنوبيين على مقاطعة مؤتمر الحوار .. كما أن الدكتور/ صالح باصره, الذى قضى خمسة عشرة عاماً منهمكاً في كتابة أطول دراسة عن الوحدة اليمنية خلال ألف عام هو من عاد إلى جنوبيته وقرويته الحضرمية بمجرد خروجه من التشكيل الحكومي وعدم تعيينه في منصب آخر. 

 ولأننا في بلد يختلف عن كل بلدان الأرض فلا مقياس واضح للوطنية ولا معيار لمفهوم الخيانة فالعميل في صنعاء يصبح بطلاً قومياً في عدن والعكس ايضاً فلن نسأل اليوم كيف تحول علي سالم البيض المسكون بحب الزعامة من وحدوي حتى العظم الى انفصالي حتى اخمص قدميه ؟ وكيف انه الذى لم يتردد عن توجيه عناصره بشد الرحال الى محافظة صعدة للمشاركة في تشييع حسين بدر الدين الحوثي لمعرفة الجميع بتاريخ الرجل المشحون بالتناقضات و التلون فقد بدأ حياته شيوعياً وهاهو يختتمها شيعياً. 

يشعر اليمنيون بكثير من القلق غداة الانتقال للمرحلة الثانية من الحوار وهم يرون الممارسات والوقائع على الارض بقيت على حالها ومواقف الحراك الجنوبي المتشددة والمتصلبة ظلت كما هي والمناورات التى يستخدمها لا تقف على حدود معينة فهو من يتوزع الأدوار والمواقف ففريق يحاور وفريق يتظاهر وفريق ثالث يتحرك سياسياً في الخارج لجمع الأموال وتجييش الشارع الجنوبي وتحريضه على أبناء المحافظات الشمالية لغايات وأهداف ليست وطنية ولا وحدوية بالتأكيد .. ومن الطبيعي ان يقلق الناس وهناك من حول الوحدة الى ورقة للابتزاز وورقة للتمصلح والتكسب وإنهاك هذا المجتمع دون أن يدرك هؤلاء أن تقرير مصير الشعوب ومصائرها لا تحدده بعض الجماعات او التجمعات التى اعتادت على ان تكون دائماً (في مربط الشيطان) ولن يحار أحداً اليوم ولن يلبس عليه الأمر ان كان يبحث عن أبالسة السياسة, فهؤلاء يعرفهم الجميع وأقوالهم وأفعالهم وممارساتهم تدل عليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله . 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي